واصل الجيش السوري تضييق الخناق على ما تبقى من بلدات بالغوطة الشرقية قرب دمشق، ويسعى بشكل رئيس للسيطرة على حرستا وعربين، فيما روى مدنيون خرجوا من جحيم الحصار قصصاً مأساوية عن الحرب الدائرة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 12 مدنياً جراء القصف على حرستا وعربين وزملكا، وارتفعت بذلك حصيلة القتلى جراء الهجوم منذ أكثر من ثلاثة أسابيع إلى 1170 مدنياً، بينهم أكثر من 240 طفلاً، كما أدى الى إصابة أكثر من 4400 بجروح.
وفي مركز إيواء مؤقت قرب دمشق، يتملك القلق مدنيين أخرجهم الجيش السوري من بلدة مسرابا بعد سيطرته عليها، خشية على أفراد عائلاتهم الذين ما زالوا محاصرين داخل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، قرب دمشق.
وتعرب ريما الشيخ بزينة 40 عاماً، بعدما خرجت مع زوجها وأربعة من أولادها، عن حزنها لتركها ابنتها لمصيرها دون أن تعلم شيئاً عنها.
وتقول لوكالة فرانس برس، وهي ترتدي وشاحاً ومعطفاً أسود وتجلس على بساط في زاوية إحدى غرف مركز الإيواء، "لم أر ابنتي منذ شهر، تمنيت لو تأتي إلى هنا".
وتضيف السيدة بحسرة "ذهبنا لتفقدها في القبو حيث كانت تقيم لكنها كانت قد غادرت مع زوجها، لم أتمكن من إحضارها معي أو وداعها، إنها حسرة بقلبي ولكن ليس باليد حيلة".
وخصصت الحكومة السورية مركزاً لإيواء المدنيين الذين يتم إخراجهم من الغوطة الشرقية في منطقة الدوير في ريف دمشق، كان عبارة عن معسكر للتخييم يضم صالات رياضية قبل اندلاع النزاع قبل سبع سنوات.
ووصلت منذ السبت إلى هذا المركز 17 عائلة مؤلفة من 76 شخصاً، من نساء ورجال وأطفال، قدموا من بلدة مسرابا إثر سيطرة الجيش السوري عليها.
وخصصت غرفة لكل عائلة من إجمالي 82 غرفة معدة لاستقبال النازحين في ملعب رياضي مغلق، وتفصل بينها ألواح خشبية. وتم تزويد كل عائلة بفرش سوداء وبطانيات وأدوات مطبخ وصناديق تحوي مساعدات غذائية ومواد تنظيف تحمل شعار الهلال الأحمر السوري.
كما تم تجهيز المركز بمرافق صحية مشتركة.
وبدأت القوات الحكومية في 18 فبراير حملة عسكرية على الغوطة الشرقية، تخللتها غارات كثيفة وقصف مدفعي، وتبعها هجوم بري تم بموجبه فصل مناطق سيطرة المقاتلين إلى ثلاثة جيوب.
وفي غرفة مجاورة، تعبّر رويدا عبد الرحيم 45 عاماً عن حيرتها وهي تمسح الدموع عن وجنتيها الشاحبتين، فيما يتجول أبناؤها حولها، وتقول لفرانس برس "فرحة لخروجي وحزينة لأنني لا أستطيع التواصل مع ابنتي التي وضعت مولودها" حديثاً.
وتروي "غادرت مع زوجها الى دوما، وكنت أتمنى لو كانت معي لأرعاها أو أبقى بجانبها"، بعدما خضعت لعملية ولادة قيصرية يوم بدء العملية العسكرية على الغوطة الشرقية.
وتضيف رويدا "لا أعرف عنها شيئاً وأشعر بالحزن لأنني لا أستطيع الاطمئنان عنها".
وتمكنت القوات الحكومية من استعادة نحو 60 في المئة من المنطقة التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012.
وتبتهل ميساء عيون 32 عاماً من أجل أمها وإخوتها الذين غادروا إلى جسرين وعربين، وهما بلدتان ما زالتا تحت سيطرة الفصائل المعارضة، متضرعة "الله يفرج عنهم".
عانينا الأمرين
ومع تقدم المعارك، نزح المدنيون الى بلدات أخرى داخل الغوطة الشرقية ومن بينهم عرفات فرحات، الذي كان يقيم في قرية زبدين قبل أن ينزح الى مسرابا.
ويتحدث عن معاناته خلال المعارك: عانينا الأمرين، كان أطفالي يأتون إلي ويقولون لي "بابا لا نريد أن نموت هنا".
ويتابع الرجل الأربعيني بصوت متقطع "أحسست حينها بغصة كبيرة وتمنيت الموت قبلهم في سبيل أن يعيشوا، لا أصدق اننا ما زلنا على قيد الحياة".
مدني من الغوطة: لدي طفل لا يعرف الموزة أو التفاحة
ويأمل هذا الرجل الذي عمل سابقا في البناء، أن يتمكن من إيجاد عمل "لأشتري لهم كل ما يريدون الان"، مضيفاً بحسرة "لدي طفل لا يعرف الموزة أو التفاحة".
خارج المركز، يركض أطفال بثيابهم الملونة ويلهون مع آخرين لجأوا الى المركز منذ سنوات النزاع الاولى.
وينهمك متطوعون في الهلال الأحمر السوري في معاينة عدد من المرضى.