جار التحميل...
الشارقة 24:
أكد وزراء ومسؤولون دوليون، أن العالم يمر بمرحلة اقتصادية فارقة تتطلب إعادة صياغة سياسات الاستثمار، بما يواكب التحولات العالمية، ويعزز المرونة والاستدامة في مختلف القطاعات.
وشددوا على أن الاستثمار في البنية التحتية الخضراء، والتحول الصناعي القائم على التكنولوجيا المتقدمة، وتمكين رأس المال البشري، باتت ركائز أساسيّة لبناء اقتصادات قادرة على التكيّف مع المتغيرات العالمية، مشيرين إلى ضرورة تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص استثمارية جديدة تسهم في الحد من التحديات المناخية والاقتصادية.
جاء ذلك، خلال الجلسة الرئيسة التي حملت عنوان "رؤى قادة عالميين: إعادة تحديد أولويات استراتيجيات الترويج للاستثمار وتسهيله في ظلّ التحول الاقتصادي العالمي"، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من "منتدى الشارقة للاستثمار 2025"، التي تُقام هذا العام بأجندة موحدة مع "مؤتمر الاستثمار العالمي" الذي تستضيفه الشارقة للمرة الأولى، على مدى يومين في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات.
وشارك في الجلسة كل من: وامكيلي مين، أمين عام منطقة التجارة الحرة في القارة الإفريقية، ومحمد ملا يعقوب، رئيس منظمة (وايبا) المنتخب حديثاً، ومساعد المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية، وقيصر أحمد شيخ، وزير الاستثمار في باكستان، وسارا باڤكوف، وزير حماية البيئة في صربيا، والمهندس طلال الهلالي، المدير العام لهيئة الاستثمار السورية، وفرخ يوسفزاده، وكيل وزارة الاستثمار في طاجيكستان، والدكتور هولغر بنجمان، رئيس غرفة التجارة الدولية في ألمانيا، وأدار الجلسة جيمز زان، رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر الاستثمار العالمي.
واستهلّ الجلسة، وامكيلي مين، أمين عام منطقة التجارة الحرة في القارة الإفريقية، بكلمة أكد فيها أن إفريقيا تواصل المضي قدماً في بناء بيئة استثمارية متكاملة رغم التحديات العالمية، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية والرقمنة والذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل أولويات الاستثمار في إفريقيا، وأوضح أن القارة تعمل حالياً على تنفيذ مبادرات صناعية خضراء تركز على الطاقة المتجددة والقيمة المضافة للموارد الطبيعية، مشيراً إلى أن دول إفريقيا أعلنت في مؤتمر المناخ بكينيا التزامها بضخ أكثر من 100 مليون دولار في استثمارات صناعية جديدة.
وأضاف أن القارة تواجه عجزاً سنوياً في البنية التحتية يُقدّر بنحو 107 مليارات دولار، داعياً إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص لسد هذه الفجوة وتعزيز التكامل الاقتصادي الإفريقي، مؤكداً أن التصنيع المستدام هو الطريق الأمثل لبناء مستقبل قوي ومتوازن.
وفي كلمته، أكّد محمد ملا يعقوب، رئيس منظمة (وايبا) المنتخب حديثاً، ومساعد المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية، أن المنتدى يشكل منصة عالمية لتبادل الممارسات الناجحة في جذب الاستثمارات وتعزيز الاستدامة، مشيراً إلى أن العالم بحاجة اليوم إلى استثمارات مرنة تدعم سلاسل الإمداد الخضراء، وتابع أن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية تواصل التزامها بدعم المشاريع محلياً ودولياً، ومواجهة التحديات الاقتصادية لضمان استمرارية تدفق الاستثمارات الأجنبية، مضيفاً نحتفل اليوم بثلاثة عقود من الاستثمار بثقة وتجدّد، ونسعى إلى كتابة فصل جديد في بناء اقتصاد قوي يحوّل عالمنا نحو المستقبل.
من جانبه، أكد قيصر أحمد شيخ، وزير الاستثمار في باكستان، أن الدولة أصبحت وجهة جاذبة للاستثمار بفضل استقرار عملتها خلال العامين الماضيين، ونجاحها في تبسيط القوانين والإجراءات عبر مراكز تيسير الاستثمار التي تعمل كنافذة موحدة للمستثمرين.
وأوضح شيخ، أن الحكومة الباكستانية أطلقت قوانين وبرامج جديدة لحماية المستثمرين وتبسيط الإجراءات، مؤكداً أن الاستثمار والتجارة يمثلان العمود الفقري للاقتصاد الباكستاني، ويساهمان في مكافحة الفقر في جنوب آسيا، وأشار إلى أن باكستان تمتلك أكثر من 3% من قاعدة المستهلكين عالمياً، داعياً المستثمرين الإماراتيين والدوليين إلى الاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة في قطاعات الصناعة والبنية التحتية.
من جهتها، استعرضت سارا باڤكوف وزير حماية البيئة في صربيا، تجربة بلادها في إعادة تشكيل سياسات الاستثمار لتتلاءم مع المتغيرات المناخية والاقتصادية، وأكدت أن صربيا جذبت استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 5.2 مليار يورو في عام 2024، نتيجة لثقة المستثمرين في شفافية بيئة الأعمال وموقعها الاستراتيجي كحلقة وصل بين الشرق والغرب، وأضافت أن بلادها تعتمد على رأس المال البشري كأصل استراتيجي، وتسعى إلى بناء اقتصاد ذكي ومستدام يقوم على القيمة المضافة والابتكار.
وتحدث المهندس طلال الهلالي، المدير العام لهيئة الاستثمار السورية، عن الخطوات التي اتخذتها بلاده لإعادة بناء الاقتصاد الوطني بعد سنوات من التحديات، مشيراً إلى أن سوريا أطلقت مكتب إدارة المشاريع كمنصة وطنية موحدة للاستثمار، وأوضح أن القانون الجديد للاستثمار في سوريا يمنح المستثمرين ملكية كاملة للمشروعات ويعفي قطاعات مثل الصحة والزراعة من الضرائب والجمارك، مؤكداً أن البلاد تستعيد مكانتها الاقتصادية بسرعة، داعياً المستثمرين من دول العالم وتحديداً المنطقة المحيطة إلى زيارة سوريا والاطلاع على الفرص الواعدة في بيئة آمنة وجاذبة.
بدوره، أكد زاهر القطارنة أمين عام وزارة الاستثمار في الأردن، أن التحول في الاقتصاد العالمي يتطلب الانتقال من التنافسية إلى التشاركية، مشيراً إلى أن الأردن رسّخ مكانته كاقتصاد تحويلي يربط إفريقيا بأوروبا، وأوضح أن المملكة تتيح للمستثمرين الوصول إلى 1.4 مليار مستهلك سنوياً حول العالم، بفضل موقعها الجغرافي وشراكاتها الإقليمية. وأضاف أن الأردن يقيس نجاحه بمدى تأثير الاستثمارات على حياة الناس، لا بعدد المشاريع المنفذة، مؤكداً أن المرونة والاستدامة لا تُبنى إلا بالتعاون والتكامل بين الدول.
واستعرض فرخ يوسفزاده وكيل وزارة الاستثمار في طاجيكستان، تجربة بلاده في تعزيز الاقتصاد الأخضر والاندماج الإقليمي، مشيراً إلى أن طاجيكستان تنتج أكثر من 527 مليار كيلوواط سنوياً من الطاقة المتجددة يتم الاستفادة من 5% فقط، ما يجعلها مركزاً إقليمياً للطاقة النظيفة، وأضاف أن لدى طاجيكستان خمس مناطق حرة متطورة وأكثر من 240 ميزة جمركية واستثمارية، فضلاً عن توجهها نحو دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية، مؤكداً أن هدف بلاده الاستراتيجي هو فتح مجالات التعاون الإقليمي وتعزيز الثقة في الأسواق الناشئة.
واختتم الجلسة الدكتور هولغر بنجمان، رئيس غرفة التجارة الدولية في ألمانيا، مؤكداً أن الثقة تمثل العملة الحقيقية للاستثمار العالمي، وأوضح أن الشركات التي تتبنى استراتيجيات مرنة قائمة على الشفافية والاستدامة هي الأكثر قدرة على النجاح، مشيراً إلى أن أكثر من 80 ألف شركة صغيرة ومتوسطة في ألمانيا تحتاج إلى تعزيز شراكاتها الدولية، وأضاف أن التاريخ يكافئ الدول والشعوب التي تؤمن بالتعاون وتتشارك الفرص، داعياً دول المنطقة إلى الانفتاح على التعاون الصناعي والاستثماري العابر للحدود لبناء مستقبل مشترك أكثر مرونة واستدامة.