جار التحميل...
الشارقة 24:
في إطار احتفالاتها بمرور مئة عام على تأسيسها، نظّمت مكتبات الشارقة العامة، أمسية أدبية بعنوان "أصداء الحداثة"، في "بيت الحكمة" بالشارقة، استقطبت خلالها حضوراً نوعياً من الشعراء الإماراتيين الشباب والمبدعين ومثقفين وإعلاميين، للمشاركة والاطلاع على تجارب إماراتية معاصرة في الشعر الإنجليزي، ومواكبة التحوّلات الإبداعية التي تشهدها الساحة الثقافية.
وافتُتحت الفعالية بجلسة حوارية بعنوان "آفاق الأدباء والشعراء"، أدارتها الشاعرة شهد ثاني، وشارك فيها كل من الشاعر أحمد بن سليم، المعروف بأسلوبه الحُر، والشاعرة ميرة البوسميط.
واستعرضت الجلسة كيفية تعبّير الأصوات الشابة الإماراتية عن ذاتها من خلال مزج الذاكرة والهوية، والانفتاح الواعي على أشكال وأساليب مغايرة، تعكس تحوّلات جمالية وفكرية معاصرة بلغة عالمية.
وخلال الجلسة قال أحمد بن سليم: "أنا أكتب بحرية مطلقة، بلا قيود ولا نماذج سابقة. أرفض أن يُقيدني شكل أو أن تحاصرني تقاليد القصيدة، لأن الكلمة عندي كائن حي يتنفّس من ذاكرتي وهويتي وإرثي الذي أحمله بكل فخر كابن لهذه الأرض العريقة. كل قصيدة أكتبها هي امتداد لحكايات من تراثنا والمغامرات التي ترويها ذاكرة الإمارات. حيث أن الشعر بالنسبة لي ليس ترفًا لغويًا، بل هو فعل صدق ووجود، يحمل أثر كل كتاب عبر بين يديّ، وكل لحظة صنعتني، وكل صمت تحدّث عني قبل أن أكتب".
بدورها، قالت ميرة البوسميط: "الكتابة لديّ بدأت كهروب من النسيان، كمحاولة لتثبيت ذكريات وملامح كانت على وشك التلاشي. الذاكرة كانت أول باب فتحته، لكنها لم تكن الباب الوحيد. كامرأة إماراتية تعيش في عالم متعدد الثقافات وتعشق الأدب الإنجليزي بعمق، لا أكتب من موقع واحد، بل من مفترق طرق. أحيانًا أجد نفسي في الإيقاع الكلاسيكي، أستريح فيه، لكنني سرعان ما أعود لأدفع حدود القصيدة بعيدًا، لأكسر التوقعات، ولأكتب كما أشعر لا كما يُنتظر مني. الكتابة بالنسبة لي فعل إنساني خالص، لا يمكن لأي آلة أو تقليد أن يستنسخه".
واختُتمت الفعالية بأمسية شعرية بعنوان "أصداء الحداثة" شارك فيها 5 من الشعراء هم شهد ثاني ومحمد الغيث ومريم الشواب وأحمد بن سليم وميرة البوسميط. حيث جسّدت قراءاتهم تجربة جيل يتلمّس هويته الشعرية من خلال أسئلة الانتماء، واستحضار الذاكرة الجمعية.
وتنوّعت النصوص بين الحنين لطفولة تتسلّل من زوايا الصور، واستدعاء البحر كرمز للأمان واللايقين معًا، وصولًا إلى تمجيد المكتبات كحاضن للمعرفة ومرآة للهوية الثقافية. وتجلّى في القصائد صوت داخلي جريء، يعبّر عن الذات، ويصطدم أحيانًا بتحديات الواقع، لكنه يواصل سعيه الواعي لفهم العالم من حوله، وترسيخ شعوره بالانتماء ضمن محيطه الثقافي والاجتماعي.
وتميّزت القراءات بلغتها المتجددة، حيث مزج الشعراء بين اللهجة الإماراتية والشعر الإنجليزي المعاصر، مما أضفى على النصوص طابعًا فنيًا متفرّدًا، يعكس وعياً لغويًا متعدد الأبعاد، ويعبّر عن الجيل الإماراتي الجديد بلغة محلية النَفَس، مخاطبة الجمهور العالمي.