الشارقة 24 - وام:
عُقد الاجتماع السابع عشر للجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي، في باريس أمس الأول الأربعاء، تجسيدًا للشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية، وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية.
يستند الحوار الاستراتيجي الذي يشارك في رئاسته معالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، وسعادة آن ماري ديسكوتيس الأمينة العامة للوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية، على الشراكة الإستراتيجية الراسخة بين دولة الإمارات وفرنسا.
وتقوم العلاقات الاستثنائية بين البلدين التي تمتد لأكثر من خمسين عاماً على الصداقة والثقة المتبادلة والتعاون في إنجاز عدد من المبادرات البارزة مثل متحف اللوفر أبوظبي وجامعة السوربون أبوظبي.
ويتيح الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي 2025 توسيع آفاق التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في المجالات ذات الأولوية وهي الاقتصاد والتعليم والثقافة والفضاء والطاقة النووية والصحة، واتفق الجانبان على تنفيذ مبادرات جديدة مشتركة.
وأسهم الحوار في توطيد الشراكة ذات التوجه نحو المستقبل والتركيز على المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
وفي ضوء التعاون الدبلوماسي المتنامي بين دولة الإمارات وفرنسا، شهد الحوار الإستراتيجي هذا العام توقيع مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية لإرساء إطار رسمي دوري لحوار دبلوماسي رفيع المستوى بين وزارة خارجية دولة الإمارات ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية.
وقع المذكرة عن الجانب الإماراتي معالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، فيما وقعها عن الجانب الفرنسي معالي فريديريك موندولوني، المدير العام للشؤون السياسية والأمنية، وذلك عقب انعقاد أولى جلسات المشاورات السياسية بين البلدين في 8 أبريل من العام الجاري.
وأتاحت الجلسة التي شارك في رئاستها معالي لانا نسيبة ومعالي فريديريك موندولوني للجانبين فرصة تبادل الرؤى السياسية والتقييم الاستراتيجي بشأن التطورات الإقليمية والتعاون متعدد الأطراف والأولويات المشتركة في سياق الحوكمة العالمية.
ويجسد توقيع هذه المذكرة عزم الطرفين على إضفاء الطابع المؤسسي للتنسيق على أعلى المستويات وتعزيز الشراكة الإستراتيجية ضمن إطار نظام دبلوماسي أكثر انسجاما في توجهه نحو المستقبل.
وأشاد الجانبان بقوة العلاقات الاقتصادية الملحوظة، وأعربا عن التزامهما بالبناء على مخرجات الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله إلى باريس في فبراير 2025، والتي مهدت الطريق أمام البلدين لتحقيق شراكة إستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي.
ورحّب رئيسا لجنة الحوار الاستراتيجي بالاستثمار المحوري لدولة الإمارات، والذي أُعلن عنه خلال قمة "اختر فرنسا" بهدف توسيع نطاق الشراكة الإستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي.
واستعرض الجانبان التنفيذ الجاري لشراكات الاستثمار الإستراتيجية الثنائية الموقعة في ديسمبر 2021، وبحثا كافة المشاريع الاستراتيجية للشركات الإماراتية والفرنسية في مجالات الاستثمار، والنقل بما في ذلك النقل الجوي، والتكنولوجيا والطاقة.
وأشاد الجانبان بإعلان إطلاق المفاوضات المتعلقة باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي.
وفي مجال التعليم، جدد الجانبان التزامهما المشترك بتوسيع شبكة المدارس الفرنسية في دولة الإمارات، ودعم تعليم اللغة الفرنسية كلغة ثالثة في المدارس الحكومية.
وتم الاتفاق على بحث مدى إسهام إدخال اللغة الفرنسية إلى منهاج المرحلة الابتدائية "الحلقة الأولى" والمراحل التالية في تحقيق نتائج أفضل، وستدرس وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات إمكانية اعتماد اللغة الفرنسية ضمن المنهج الدراسي.
وناقش الجانبان التعاون في مجال التعليم العالي، مشيدين بالنجاح الذي حققته جامعة السوربون أبوظبي من خلال العديد من المشاريع المهمة وزيادة أعداد الطلبة الملتحقين بها.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن جامعة السوربون أبوظبي تعتزم تمديد اتفاقيتها في 2026 لعشر سنوات إضافية.
ورحب الجانبان بالتقدم المتواصل في مجال التقنيات الجديدة مع إنشاء مدرسة البرمجة 42 في أبوظبي، وإطلاق برنامج روبيكا لتصميم ألعاب الفيديو، والتعاون بين جامعة ايكول بوليتكنيك الفرنسية وبين جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
ويشكّل مؤتمر البحوث والابتكار المقرر عقده في أبوظبي بنهاية عام 2025، محطة مهمة في تعزيز وتشكيل مستقبل العلاقات بين البلدين.
وعلى الصعيد الثقافي، فقد رحب الجانبان بنجاح متحف اللوفر أبوظبي باعتباره أحد المعالم المهمة للشراكة الثقافية بين البلدين، مؤكدين اهتمامهما المشترك بتعزيز التعاون لاستمرار نجاح المتحف.
ولفت الجانبان إلى الشراكة الاستراتيجية بين دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي ووكالة متاحف فرنسا، لا سيما من خلال برنامج تدريب المحترفين في مجال المتاحف Museopro. ورحبا بالتقدم المحرز في المناقشات المتعلقة بترميم وتجديد قصر تراينون في فرساي.
وعلى صعيد التعاون في مجال الفضاء جدد الجانبان عزمهما المضي قدمًا في توسيع التعاون في مجال استكشاف الفضاء، وخاصة فيما يتعلق برحلات الفضاء المأهولة.
وأكدا التزامهما بتطوير منظومة بيئية فضائية بين الجهات المعنية من البلدين، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الثنائية، من خلال بحث إمكانية إطلاق مبادرات جديدة كإنشاء بنية تحتية مشتركة، ومركز فضائي فرنسي إماراتي، ومشاريع أخرى مشتركة.
وفيما يتعلق بالطاقة النووية شدد الجانبان على شراكة البلدين الوطيدة في مجال الطاقة النووية السلمية، ورحبا باستمرار التعاون بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والهيئة الاتحادية للرقابة النووية، والمؤسسات الفرنسية الرائدة مثل شركة كهرباء فرنسا، وهيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية CEA، وشركة فراماتوم، وشركة أندرا، والهيئة الفرنسية للأمان النووي والوقاية من الإشعاع ASNR.
كما أكد الجانبان التزامهما المشترك بدعم مبادرة زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاثة أضعاف، وبحث الفرص الممكنة في تكنولوجيا المفاعلات المتقدمة ومفاعلات الوحدات الصغيرة وضمان توريد الوقود النووي، والأمن السيبراني، وإنتاج الهيدروجين المستدام.
وفي القطاع الصحي بحث الجانبان عددًا من المواضيع المهمة بهدف تعزيز التعاون الثنائي في المجال الصحي، وركزت المباحثات على توسيع نطاق التعاون الثنائي على الصعيد الأكاديمي والتعاون مع المستشفيات وتسهيل توفير رعاية صحية عالمية للمرضى، وإبرام اتفاقات مع شركاء دوليين مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وشركة سانوفي (Sanofi).
وبحث الجانبان الفرص المرتقبة في المجالات المتقدمة مثل علم الجينوم والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يعكس التزامهما بمواصلة الابتكار وتطوير أنظمة الرعاية الصحية في كلا البلدين.
تضمن الحوار الإستراتيجي أيضًا محادثات بنّاءة بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وأعرب الجانبان عن التزامهما المستمر بتحقيق السلام والاستقرار والأمن وفقًا للقانون الدولي، مؤكدين ضرورة إيجاد حلول عادلة ودائمة للأزمات في المنطقة.
ضم الجانب الإماراتي المشارك في الحوار الإستراتيجي، معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة، ومعالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، ومعالي سارة مسلّم، رئيسة دائرة التعليم والمعرفة - أبوظبي، وسعادة سعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة ــ أبوظبي، وسعادة حمد الكعبي، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سفير الدولة لدى النمسا، وسعادة الدكتور راشد السويدي، مدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة، ومحسن العوضي، مدير إدارة المهمات الفضائية في وكالة الإمارات للفضاء.
وضم وفدا البلدين أيضًا سفيري البلدين ومسؤولين من الهيئات التي تمثل القطاعات ذات الأولوية في دولة الإمارات وفرنسا.
وفي ختام الاجتماع السابع عشر للجنة الحوار الإستراتيجي الإماراتي-الفرنسي، أكد الجانبان التزامهما الثابت بمواصلة تعميق الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين دولة الإمارات وفرنسا.