بودكاست "دفتر الزمان": الأمثال الشعبية تقدم دروساً في الحياة

الشارقة 24 - محمود سليم:

في عالمنا المعاصر، الذي يتسم بالسرعة والتغير المستمر، تزداد أهمية التمسك بجذورنا وتراثنا والأمثال الشعبية الإماراتية، هي جزء لا يتجزأ من هذا التراث، كما يرى الدكتور محمد راشد النقبي، الباحث في التراث الإماراتي، مشيراً إلى أن الأمثال الشعبية تقدم لنا دروساً قيمة في الحياة، تساعدنا على مواجهة تحديات المستقبل، والحفاظ على توازننا النفسي.

إبراز دور الأمثال في حياتنا المعاصرة

ويوضح النقبي أن الحلقة السادسة من البودكاست، تسعى إلى إبراز دور الأمثال في حياتنا المعاصرة، وكيف يمكننا الاستفادة منها في بناء مستقبل أفضل، وتستعرض أمثال: لول أنا أحلي واليوم صرت متحلي، ومتحلي: تعطيني الناس وتساعدني، ويشير المثل إلى تغير الأحوال، ويعني الشخص الذي يجود به على غيره، لكن ظروفه تغيرت فأصبح ينتظر أن تجود الناس عليه، مشيراً إلى أن الأمثال تشابهت في معانيها، فنجد أن أهل البر والبحر صاغوا نفس الأمثال ولكن كلاً بمفرداته، فالمثل يقول: لول أنا نوخذة واليوم صرت أنا عبري، ونوخذة كما هو معروف هو ربان وقائد السفينة، وعبري تعني الراكب، بمعنى: من كان يتولى في الماضي قيادة السفينة فسوف تتبدل الأيام والسنين ويضعف حاله ويصبح هو من يركب سفينة الآخرين، وهو مثل يضرب للعبرة والعظة، فالقوة لا تدوم، لذا على الإنسان ألا يتجبّر أو يظلم أحداً، فدوام الحال من المحال كما يخبرنا المثل أيضاً.

العود اللي ما يلين ينكسر

ويستكمل الأمثال بمثل يقول، العود اللي ما يلين ينكسر، ويُضرب المثل حين يكون الشخص متمسكاً برأي غير صحيح ولا يتفق أو ينسجم مع الواقع، ففي نهاية الأمر لا بد أن يخذل أو يرضى ويقبل بالواقع دون اعتراض، وأيضاً العيب بلى وكل من عيب ابتلى، والمفروض على المرء ألا يعيب أو يذم غيره وهو يحمل العيوب والطباع السيئة نفسها، وربما كانت صفاته السيئة أكثر بكثير ممن عابه، فمن عاب استعاب، وسيبلى بما عاب على الآخرين.

الثوب ما ينشق بين عاقل ومينون

وتشمل الحلقة السادسة أمثال: الثوب ما ينشق بين عاقل ومينون، وهو مثل يحث على التفاهم وحسن التدبير واستخدام العقل في كل الأمور وخصوصاً عند حالات الخلاف والنزاع، بالإضافة إلى اللي يسدد ديونه تهيع عيونه، وتهيع أي تنام، وتعنى الشخص الذي قضى وسدد ديونه يكون مرتاحاً فينام قرير العين مسروراً، وقد اهتم الأجداد بهذا المعنى في أكثر من مثل فهو يحث على ضرورة البعد عن الدين قدر الإمكان، أو الوفاء به، فكما يقال الدين هم بالليل ومذلة بالنهار.

يولي المال ولا يولى الصاحب

ويستعرض بودكاست "دفتر الزمان"، أمثال: يولي المال ولا يولى الصاحب، ويولي بمعنى يذهب، ويقصد المثل هنا أن المال بالسعي والمثابرة قد تستطيع أن تسترجعه وتقتنيه من جديد إذا ذهب عنك؛ ولكن صاحبك يجب أن تحافظ على بقائه واستمراره معك، وأيضاً مثل يقول العنز اليما تعيب على أم قرن، واليما في اللغة هي عديمة القرون، بمعنى أن الشخص الذي لا يملك شيئاً، وليست لديه المقدرة على فعل أمر ما تراه دائم الذم للأشخاص العاملين المجتهدين في مواقعهم، وهذا نتيجة غيرته وحسده، ويضرب المثل لعدم الالتفات للمثبطين الحاقدين، والاستمرار بالعمل دون توقف.

ما يضارب القوم إلا اللي ما يخاف اللوم

ويشير الدكتور محمد راشد النقبي، إلى أن مثل آخر بنفس المعنى، وهو ما يضارب القوم إلا اللي ما يخاف اللوم، ويُضرب المثل في أن البعض قد يتطاول على من الناس بالكلام الجارح خوفاً منه بأن يلوموه على فعل شيء ما فيبادر هو بالهجوم عليهم، وأيضاً السد عند الباين حوزه ثلاث أيام، والسد هو السر، والباين: يشير إلى الذي لا يكتم أمراً أو سراً، ويحذر المثل من إعطاء السر لمن لا يكتمونه إلا بعد اختبارهم مرات عديدة؛ لذا يجب ألا تعطي أسرارك وخفاياك إلا للشخص الثقة الذي تتيقن منه، أما الباين فآخر حفظ السر عنده هو 3 أيام فقط.

الحث على القناعة في الحياة

ويضيف النقبي، غض في ايديك، ولا ناضي في ايد غيرك، والغض هو الثمار غير الناضجة، يضرب المثل للحث على القناعة في الحياة، فمن ملك شيئاً وإن كان غير ذا قيمة فعلية فإنّه يقنع به، ولا ينظر لمن يمتلكون الأشياء الغالية والثمينة، فمن حصل على ثمرة خضراء غير ناضجة فليحمد الله ويشكره، ولا ينظر لمن امتلك الثمار اليانعة المستوية النضج.

دعوة دائمة للتمسك بهذا الموروث الشفهي

ويختتم الباحث في التراث الإماراتي حلقته بأن كل مثل ذكرناه من أمثال خلال هذه الحلقات، يحمل في طياته درساً ثميناً صاغه الأجداد ببراعة وخبرة سنوات عديدة، ونحن هنا اليوم في دعوة دائمة للتمسك بهذا الموروث الشفهي، الذي نعتبره معيناً لا ينضب ننهل منه وقتما نشاء.