اختتم هيئة الشارقة للمتاحف أمس الثلاثاء، في متحف الشارقة للآثار، مؤتمر "سوا: 10 سنوات من التبادل الثقافي في التعلم المتحفي"، واستعرض الحضور سبل تعزيز التفاعل بين الثقافات لرفع مستوى الممارسات المتحفية، وترسيخ دور المتاحف كفضاءات حيوية للتواصل بين الثقافات وتلاقي وجهات النظر المتنوعة.
الشارقة 24:
أكد المشاركون في مؤتمر "سوا: 10 سنوات من التبادل الثقافي في التعلم المتحفي"، الذي نظمته هيئة الشارقة للمتاحف واختتم أعماله أمس في متحف الشارقة للآثار، على الدور الجوهري للتعلم وتبادل الخبرات بين ثقافات الدول المختلفة في المجال المتحفي، باعتبارها حجر الزاوية لتعزيز التفاهم المشترك والتواصل الثقافي، وشدد الخبراء على أهمية تضمين التعلم بين الثقافات في نهج المتاحف، ليس فقط في كيفية تفاعلها مع المجتمعات، بل أيضاً في تعزيز الوعي الثقافي، وإلهام الروابط العالمية، وترسيخ مكانة المتاحف كمساحات تعليمية شاملة تساهم في تشييد جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين الشعوب.
واستعرض الحضور على مدار يومي المؤتمر، الذي نظمته الهيئة بالتعاون مع مجموعة الهلال، الشريك الاستراتيجي، وهيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، الشريك البلاتيني، وبدعم من القنصلية العامة لجمهورية ألمانيا الاتحادية سبل تعزيز التفاعل بين الثقافات لرفع مستوى الممارسات المتحفية، وترسيخ دور المتاحف كفضاءات حيوية للتواصل بين الثقافات وتلاقي وجهات النظر المتنوعة.
وبحث مختصون وأكاديميون وهواة في مجال المتاحف والثقافة من جميع أنحاء العالم، تطور المتاحف واتجاهاتها المستقبلية، مشددين على أهمية الشراكات الدولية والتنوع الثقافي كحوافز ضرورية للابتكار.
بدورها أعربت مجموعة الهلال عن اعتزازها بدعم هذا الحدث البارز، حيث قال مجيد حميد جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال: "تتشرف مجموعة الهلال برعاية هذا الحدث البارز الذي يحتفل بالذكرى العاشرة لبرنامج "سوا"، استمراراً لمسيرة شراكتنا العريقة مع هيئة الشارقة للمتاحف، فمنذ انطلاقتنا في عام 1971، أصبحنا جزءاً لا يتجزأ من نسيج هذه الإمارة العريقة.، ونغتنم هذه الفرصة لنحتفي بروح الانفتاح والتكامل الثقافي التي تنبض في شرايين شارقة الثقافة، التي تواصل تميزها كمركز إشعاع ثقافي يحتضن الأصالة ويرنو إلى آفاق المستقبل الرحبة.
مخرجات نوعية
وكان أحد أبرز مخرجات المؤتمر التي تناولها الخبراء والمشاركون بالبحث والتمحيص من خلال جلسات وندوات ثرية، التشديد على أهمية التعاون الثقافي، كعامل محوري في تحفيز الابتكار داخل المتاحف. وفي هذا السياق، استعرضت جيون لي، مدير قسم القيمين في مؤسسة الشارقة للفنون، تجربة "بينالي الشارقة" ودورها في التفاعل المجتمعي من خلال ورش عمل تفاعلية، حيث تُمكّن الطلاب من استكشاف "تنوع البيئات" وتعلم أبعاد ثقافية متعددة من خلال التبادل الثقافي المباشر، مما يعزز من تجاربهم التعليمية وينمي قدراتهم التفاعلية.
وفي حلقة نقاشية حول رحلة أمين المتحف: جمع وتنظيم، وصياغة المعارض، شدد الدكتور ديفيد فرانسيس، محاضر فخري في الذاكرة، المتاحف والتراث في معهد الآثار في جامعة كلية لندن على أهمية اللغة والترجمة لتوسيع وتسهيل إمكانية وصول الجمهور للأعمال الفنية، فيما تحدثت علياء الملا أمين متحف الشارقة للفنون عن ضرورة التوازن بين رؤية الفنان والأهداف الثقافية، وأكدت سهيلة طقش قيمة مؤسسة بارجيل للفنون على قدرة الفن على تجاوز الفجوات والاختلافات الثقافية وتعزيز المتاحف كمنصات للتفاعل بين الثقافات.
وفي الجلسة التفاعلية بعنوان "التفسير المتحفي "، قدم الدكتور جون بول سومنر من مشروع إعادة اكتشاف أيريدي في المملكة المتحدة، تجربته في سرد القصص التفاعلي لجعل محتوى المتاحف أكثر قابلية للتواصل، مشدداً على أهمية التفاعل في التعليم بين الثقافات.
وقد أضاءت مناقشات ترأستها إيميليا سانشيز غونزاليس من جامعة لوكسمبورغ على كيفية تعزيز مبادرات الشمول للتفاعل المجتمعي، بينما سلطت علياء بو رحيمه من هيئة الشارقة للمتاحف الضوء على مبادرة "متاحف على الطريق" التي تصل بمقتنيات تم انتقائها بعناية إلى كافة المناطق في إمارة الشارقة مستهدفة جميع الفئات العمرية وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأوضح الدكتور سهيل دحدل من الجامعة الأمريكية في الشارقة كيف يمكن للمتاحف تعزيز التفاعل من خلال التجارب الرقمية التفاعلية، مستشهداً بمشروع الواقع المعزز الذي تم تنفيذه بالشراكة مع هيئة الشارقة للمتاحف، والذي يُضفي حياة جديدة على القطع الأثرية التاريخية ويعزز دور المتاحف كمراكز تعليمية شاملة للتعلم بين الثقافات. ومن جانبها، أكدت صوفي بيرل من متحف ستادت بيرلين أن المتاحف تمثل مساحات تعليمية تتيح للزوار التفاعل مع السرد التاريخي بطرق تعزز المشاركة الفاعلة وتشجع التواصل الثقافي.
وفي جلسة نقاشية أدارتها عائشة راشد ديماس بعنوان " الطموحات والعقبات: السعي للتأثير في وسط التحديات” تباحث المشاركون سبل الحفاظ على التراث والتحديات التي تحيق به، حيث تحدث ناصر الدرمكي، نائب مدير مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة-الإمارات، عن نشئة وتأسيس إيكروم لمكتبها الإقليمي في إمارة الشارقة، مستعرضًا جانبًا من قصص نجاحهم التي تبرز الدور الحيوي للحفاظ على التراث في المنطقة، بينما قدّمت دانيل كويتن، المدير والقيم المشارك في IC Imagine، مفهوم Imagine IC المبتكر كمركز يجمع بين مكتبة ومتحف وأرشيف، رغم أنه لا يحمل رسميًا صفة ”متحف" متطرقة إلى جهود المركز في حماية وتعزيز التراث، والتحديات التي واجهتهم في هذا المسار، كما شاركت لينا دولفن، مدير كولتور- وند هايماتهاوس شتات بلانكنبيرغ وخريجة برنامج سوا، وجهة نظرها حول التحديات التي واجهتها في تأسيس متحف في قرية صغيرة في ألمانيا، مشيرة إلى صعوبات إنشاء مؤسسات ثقافية في المناطق الريفية.
التأمل في عقد من برنامج سوا
وتحدثت سعادة عائشة راشد ديماس، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، عن الأثر العميق لبرنامج "سوا" قائلة بأن البرنامج ترك أثراً نوعيا ومستداماً خلال العقد الماضي، مشيرة الى كونه نموذجاً رائداً للتعاون الثقافي عبر القارات، حيث أسهم بشكل ملموس في تعزيز التفاهم والتطور المهني للعاملين في المتاحف على الصعيد العالمي.
وأضافت: مع اختتام هذا المؤتمر، لا نحتفي فقط بإنجازات عشر سنوات مضت، بل نتطلع أيضاً إلى مستقبل تسهم فيه المتاحف بإثراء التعليم والشمولية وتبادل الثقافات بصورة أعمق وأكثر تفاعلاً. وأكدت ديماس على ضرورة البناء على النقاشات والأفكار التي طُرحت خلال هذا المؤتمر، لضمان بقاء المتاحف مساحات نابضة بالحياة لا تقتصر على صون التراث الثقافي، بل تمتد إلى إلهام وتعليم الأجيال القادمة، بذلك نرسخ دور المتاحف كمنارات معرفية وثقافية تستجيب للتحديات المعاصرة وتلبي تطلعات المستقبل.
وقد نجح مؤتمر سوا 2024 في تسليط الضوء على القضايا الملحة التي تواجه المتاحف اليوم، كما وفر منصة لحل المشكلات بشكل تعاوني، حيث أكد المشاركون في ختام أعماله على التزامهم بمواصلة الحوار وتطبيق الأفكار والرؤى المطروحة. هذا وبدورها تؤكد هيئة الشارقة للمتاحف التزامها المستمر بدعم التعاون الثقافي وتعزيز ممارسات المتاحف على الصعيدين المحلي والعالمي، معربة عن خالص شكرها وتقديرها لكافة المتحدثين والمشاركين والشركاء الذين ساهموا في نجاح المؤتمر.