الشارقة 24:
شهدت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، رئيسة مجلس إرثي للحرف المعاصرة، فعاليات الملتقى الأول للمعهد الثقافي العربي الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في أغسطس الماضي بمدينة ميلانو الإيطالية وتشرف عليه هيئة الشارقة للكتاب، حيث قامت سموها بجولة شاملة على أقسام المعهد، واطلعت على البرامج والأنشطة التي يقدمها على مدار العام.
كما شهدت سموها ندوة "التصميم وسيلة للتواصل"، التي افتتح بها الملتقى فعالياته، إلى جانب حضور سموها جانباً من ورشة عمل نظمها المعهد للأطفال من الجالية العربية المقيمة في ميلان، والتي تأتي في إطار جهوده على مدار العام لإثراء معارف أبناء العرب بمهارات التخاطب باللغة العربية.
وتضمن الملتقى عرضاً لفيلم "خورفكان"، المقتبس من كتاب "مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي سبتمبر 1507" لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
حضر فعاليات الملتقى إلى جانب سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، والدكتور وائل فاروق، مدير المعهد، وماريو جاتي، مدير جامعة القلب المقدس الكاثوليكية، والإعلامية منى الشاذلي، ونخبة من الأكاديميين والمسؤولين الثقافيين الإيطاليين، وحشد من الطلبة الإيطاليين في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في ميلان.
دور رائد في تعزيز العربية والحوار الثقافي العالمي
وأكدت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي أهمية المعهد الثقافي العربي ودوره الرائد في تعزيز حضور اللغة العربية والأدب العربي في أوروبا، وخاصة بين الشباب، مشيدة برؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لهذا المشروع، الذي يهدف إلى تعزيز جسور التواصل الثقافي، وتأكيد مكانة الثقافة العربية كجزء أساسي من عناصر الحوار الحضاري العالمي؛ مشيرة سموها إلى أن المعهد يسهم بشكل فعال في دعم جهود الشارقة لإبراز اللغة العربية وتراثها الأدبي في مختلف أنحاء العالم.
الحرف التقليدية والأزياء رافد حضاري مشترك
وفي مداخلة لسموها خلال ندوة "التصميم وسيلة للتواصل" ضمن الملتقى، تحدّثت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي عن تأثيرات تصميم الأزياء عبر العصور، وتأثرها بالثقافات وتداخلها معها، مشيرة إلى أن العرب تأثروا بالثقافات الأخرى وأثروا فيها على مر العصور، واصفة ذلك بأنه أمر إيجابي طالما أنه يحافظ على الموروث الثقافي للشعوب، كما أكدت سموها ضرورة الحفاظ على الإرث الثقافي المتعلق بالحرف التقليدية والأزياء وتطويرها، معتبرة أن هذه الحرف تشكل عنصراً رئيساً في التواصل الفعال بين الحضارات.
وفي معرض حديثها عن دور الحرف التقليدية في إثراء الحوار الحضاري بين الشعوب، لفتت سمو الشيخة جواهر إلى دور "مجلس إرثي للحرف المعاصرة" الذي أسسته سموها ليعمل على تطوير الحرف الإماراتية من خلال شراكات متعددة مع مختلف القطاعات التي تشمل الأزياء والمجوهرات وغيرها، مما أسهم بدوره في إدخال الحرف الإماراتية إلى ثقافات شرقية وغربية متنوعة، ووضع فنون التراث الإماراتي في عدد من أعرق المعارض العالمية.
نافذة للعالم الغربي على كنوز الفكر العربي
بدوره، قال سعادة أحمد بن ركاض العامري: "يمثل المعهد الثقافي العربي رمزاً لاستمرارية التواصل بين ماضٍ حافل بالإسهامات الحضارية ومستقبل مشترك نطمح إلى بنائه معاً، فهو أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية؛ إنه نافذة للعالم الغربي على كنوز الفكر العربي وإبداعاته، ودعوة مفتوحة للحوار، قائمة على الاحترام المتبادل والتقدير العميق لدور الحضارات في صياغة تاريخ الإنسانية".
وقال العامري: "ظلت رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لهذا المشروع تتجاوز حدود الفعل الثقافي إلى آفاق أوسع، حيث نرى في هذا المعهد منصة دائمة للثقافة العربية في أوروبا، تجسد فيها تطلعات صادقة لتعزيز التفاهم بين الثقافتين، وفتح الأبواب أمام الشباب والباحثين لتعلم اللغة العربية والتعمق في تاريخها وأدبها".
وتابع العامري: "نحن اليوم نؤسس شبكة من المعاهد الثقافية العربية في كبرى عواصم ومدن العالم، ونتطلع أن يكون هذا المشروع بداية لسلسلة من الجهود التي تبرز الإسهامات الكبيرة التي قدمها العرب في مجال العلم والفن والمعرفة، لذلك كان افتتاح المعهد في قلب ميلانو بداية فصل جديد من التعاون الثقافي بين الشرق والغرب، وانعكاساً لثقة كبيرة في أن الحوار المستمر هو السبيل لتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل".
حجر أساس لمشروع حضاري عالمي
من ناحيته، رحب ماريو جاتي، بسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، في الملتقى الأول للمعهد، مثنياً على دعم إمارة الشارقة لمشروع المعهد الثقافي العربي بميلانو، وجهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي عززت من حضور اللغة العربية على المستوى العالمي.
وأكد جاتي أن المعهد يشكل حجر أساس لمشروع ثقافي وحضاري عالمي متكامل تقوده الشارقة، يسعى إلى تعزيز التواصل الثقافي والمعرفي والحضاري بين العالمين العربي والغربي، كما أشار إلى أن اللغة العربية، بفضل مبادرات الشارقة العالمية، أصبحت محط اهتمام متزايد من الطلاب الأجانب، ومصدر إلهام وإثراء للعديد من الدارسين، الذين يكتشفون فيها نوافذ على حضارة عريقة وتراث غني.
التصميم كوسيلة للتواصل
وخلال الندوة الافتتاحية التي حملت عنوان "التصميم كوسيلة للتواصل"، استعرض ماركو ساميكيللي، مدير متحف التصميم الإيطالي في ميلانو، والدكتورة ماريا تيريزا زانوسا، أستاذة اللغة الفرنسية بجامعة القلب المقدس الكاثوليكية، أهمية التصميم كأداة للتواصل تتجاوز الحدود اللغوية والثقافية، مما يجعله جسراً للتفاهم بين الشعوب، حيث قدم المتحدثان رؤاهما حول دور التصميم في تسهيل التفاعل بين المجتمعات، وكيف يمكن للابتكارات الفنية أن تعبر عن الهوية الثقافية بأسلوب يتسم بالحداثة والابتكار، إلى جانب حديثهما عن كيفية الاستفادة من التصميم لتقريب الثقافات، والدور الحيوي للغة البصرية في خلق تواصل فعّال بين الثقافات المختلفة، حيث يصبح التصميم وسيلة تعبير عالمية تُظهر تنوع التجارب الإنسانية وتساهم في بناء حوار ثقافي أكثر شمولية وتفاعلاً.
"الآخر" عندما يصبح مصدراً للإثراء والتفاعل الهادف
في إطار أعمال الملتقى، قدم دون أمبروجيو بيسوني، وأستاذ الأديان في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية، ورشة عمل حول "استكشاف مفهوم الآخر"، ركزت على ديناميكيات التفاعل بين الأفراد من خلفيات ثقافية متنوعة في بيئات العمل. وتناولت الورشة كيفية تعزيز التفاهم المتبادل في بيئة العمل عبر استكشاف الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي تميز كل فرد، وكيفية تحويل هذه التنوعات إلى مصدر إثراء للتعاون والإنتاجية، كما ناقش المشاركون تحت إشراف بيسوني أهمية النظر إلى "الآخر" كمصدر لإثراء الذات، وتطوير أساليب تواصل تسهم في خلق بيئة عمل شاملة، تقدر اختلاف وجهات النظر وتدعم التفاعل الهادف، بما يسهم في بناء علاقات مهنية أعمق وأكثر انسجاماً.
ويأتي الملتقى ضمن جهود المعهد الثقافي العربي، الذي تأسس بمبادرة من هيئة الشارقة للكتاب، في تعزيز جسور التواصل الثقافي بين العالم العربي وأوروبا، ونقل الثقافة العربية بأبعادها الفنية والفكرية إلى الجمهور الإيطالي، وخلال الملتقى، تم تكريم الطلاب والمشاركين الذين كانوا جزءاً من افتتاح المعهد، تقديراً لجهودهم في تحقيق رسالة المعهد وإثراء أنشطته الثقافية.
المعهد الأول من نوعه في إيطاليا
يُعد المعهد الثقافي العربي في ميلانو، الأول من نوعه في إيطاليا، ويهدف إلى تعزيز التواصل بين الحضارتين العربية والغربية، مبرزاً إسهامات العرب في المجالات العلمية والإبداعية، يقع المعهد ضمن جامعة القلب المقدس الكاثوليكية ويعمل على توسيع مهرجان اللغة العربية الذي ترعاه هيئة الشارقة للكتاب، ليشمل قراءات شعرية وورش لغوية ومناقشات جماعية، كما ينظم معارض كتب وفعاليات أدبية وورش عمل تجمع الثقافتين، يستقطب المعهد الشباب الإيطاليين المهتمين بالثقافة العربية ويتيح لهم فرصة تعلم فنون الخط العربي، مما يعزز الحضور الثقافي الإماراتي والعربي في إيطاليا.