الشارقة 24 - الشفيع عمر:
شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الفخري لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مساء يوم السبت، احتفال الاتحاد بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيسه، وذلك في مقر هيئة الشارقة للكتاب.
وكان في استقبال سموه عند وصوله، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، ومعالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة وعدد من كبار المسؤولين والأدباء والكتاب.
وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة، خلال الحفل، بتكريم الرؤساء السابقين لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وهم: عبد الحميد أحمد، وعبد الغفار حسين، وناصر الظاهري، وإبراهيم الهاشمي، والمغفور لهما بإذن الله ناصر جبران، وحبيب الصايغ، والرئيس الحالي للاتحاد الدكتور سلطان العميمي.
وألقى صاحب السمو حاكم الشارقة، محاضرة تناولت دور الثقافة والمثقفين في المجتمع، مسترجعاً سموه تاريخ بدايات اجتهادات المثقفين والكُتّاب في أوروبا والتي ساهمت في إحداث بعض التغييرات المهمة والتي كانت بداية تفعيل أدوار المثقفين في أوروبا بكاملها.
وحيّا سموه، في بداية كلمته جهود رؤساء الاتحاد السابقين، مثمناً ما قدموه لمسيرة الثقافة والأدب، وذلك نسبة لمعرفتهم وخبرتهم بإمكانات المجتمع التعليمية والثقافية والعلمية، حيث إن المجتمع يعوّل عليهم كثيراً.
واستعرض صاحب السمو حاكم الشارقة في كلمته، معنى الثقافة التي اعتبرها التمكن والتمكين في العلوم والآداب والفنون، ثم سرد تاريخ تأثير المثقفين والكُتاب في المجتمعات، حيث كانت البداية في بريطانيا في العام 1613م مع ظهور الكاتب الكبير وليام شكسبير والذي أحدثت أعماله الأدبية في المسرح والرواية ضجةً كبيرة، واستمر الحال في تميز إنجلترا عن باقي أوروبا في النهضة الثقافية إلى حوالي قرن من الزمن مع ظهور العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن وهو القرن الذي سميّ قرن الأنوار والذي هو ضد الظلمات، التي كانت أوروبا تعاني منها، ومن هنا بدأت مختلف الشعوب الأوروبية تتحرك نحو العلوم والثقافة والفنون متأثرة بإنجلترا، حيث ظهرت مجموعة من الفلاسفة الفرنسيين من أمثال ديدرو وجاك جاك روسو، وغيرهم والذين واجهوا عدم تجاوب المجتمع مع ما يطرحونه حتى حادثة شخص فرنسي يدعى دريفوس والذي كتب مقالاً في صحيفة الفجر الباريسية انتقد فيها بعض السياسات مما أدى إلى اعتقاله ونفيه خارج البلاد، ثم جاء الصحافي والكاتب الفرنسي إيميل زولا وكتب مقالاً في صحيفته يدافع عن دريفوس ويطالب بإلغاء الحكم عليه، وكأنه فتح الباب لتحريك قوة المثقفين الذين شكلوا رأياً عاماً حتى تم الإفراج عن دريفوس وتبرئته من تهمة التجسس، ليصبح للمثقفين قوة كبيرة، وأطلق على إيميل زولا لقب "الكاتب الملتزم" وسُميّت تلك السنوات بالعهد الجميل، حيث بدأ انتشار الثقافة عبر الكتابات الملتزمة، وحركة المسارح ودور السينما والمهرجانات ليكون هناك اكتمال ثقافي في جميع بنوده العلمية والثقافية والفنية والأكاديمية.
وضرب صاحب السمو حاكم الشارقة، مثالاً آخر على دور المثقفين الكبير في تاريخ فرنسا، حيث أسهموا في تغيير نمط ونهج جامعة السوربون من جامعة تدرس الدين فقط إلى جامعة تقدم مختلف العلوم والآداب، وقال سموه: إذاً نحن أمام قوة مجتمعية تُغيّر في المجتمع وهم المثقفون.
وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة، فعالّية الثقافة، متناولاً ما حدث من الفرنسيين في مجابهة فرض العولمة عليهم، حيث رفضوها على مدى سنوات متتالية بداية من العام 2016 وحتى العام 2018م، ليخرجوا في نهاية المطاف بقرار يستبعد تأثير العولمة على الثقافة، وتبعتها في ذلك الشعوب الأوروبية جميعاً، وهنا يضرب المثقفون الفرنسيون مثالاً للمحافظة على ثقافتهم وهويتهم من تأثيرات العولمة.
ودعا سموه في ختام كلمته، الكتاب من الأجيال الجديدة، إلى أن يكونوا ملتزمين لأنهم يمتلكون الإرادة والقوة والفكر والعلم والمعرفة، قائلاً سموه: نطلب منهم أن يكونوا عند حسن الظن وعلى الكلمة الصادقة القوية التي تجعل المجتمع لا يحيد عن موروثاته وثقافته وعلمه.
من جانبه، ألقى الدكتور سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كلمة ثمّن فيها حضور وتشريف ورعاية صاحب السمو حاكم الشارقة للحفل، وحديثه مع أبنائه من الكتّاب والأدباء الذي يُشكّل جزءاً من منظومته القيادية الحريصة على بناء الإنسان، وهويته ومداركه المعرفية، لافتاً إلى أن تخصيص يوم للكاتب الإماراتي يُعد ظاهرة حضارية مهمة في تاريخ اهتمام الوطن بالثقافة ودعمه المحتوى الإبداعي والفكري.
وتناول العميمي، تاريخ قيام اتحاد الكتاب والأدباء، واهتمام الدولة الكبير بالجانب الثقافي وأصحاب الكلمة من المبدعين، والدعم اللامحدود من صاحب السمو حاكم الشارقة للاتحاد، والإسهامات القيّمة التي قدمها سموه لتطوير والارتقاء بحركة الكتابة والنشر والتأليف.
وتابع العميمي قائلاً: أربعون عاماً مضت على تأسيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الذي وضع نصب عينيه منذ تأسيسه المساهمة في خدمة الساحة الثقافية الإماراتية، ودعم الكتّاب والأدباء في الإمارات، لإبراز أصواتهم، واكتشاف الموهوبين ودعمهم، متمسكاً في ذلك بلغته العربية الأم، ومحافظاً على إنتاجه الكتابي والفكري ذي المستوى والمحتوى الهادف.
ولفت رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، إلى مسيرة الاتحاد والحراك الثقافي في الدولة وتطورها ورعاية الدولة والقيادة الرشيدة لها، لتعزيز وترسيخ الحركة الأدبية والمعرفية، ودعم الكلمة والكِتاب والكُتّاب، حيث تُوّج ذلك بتأسيس اتحاد الكتاب في السادس والعشرين من مايو 1984، ومن قبله تأسيس معارض الكتب، وعدد من المؤسسات الثقافية المتخصصة، والتي أسهمت جميعها في ثقافي متواصل.
وأشار العميمي إلى الجهود الحالية المبذولة لتطوير عمل الاتحاد وتحقيق أهدافه المنشودة، في الثقافة واللغة ومجابهة التحديات، قائلاً: وقبل سنة من الآن، وبمباركة من صاحب السمو حاكم الشارقة، الرئيس الفخري للاتحاد، أطلق الاتحاد استراتيجيته الجديدة للمرحلة المقبلة، ساعياً من خلالها إلى نقل أنشطته نحو آفاق جديدة من التخطيط والانتشار والدعم، مؤمناً في ذلك بأن المرحلة التي يعيشها وطننا الغالي هي مرحلة ازدهار وريادة وصدارة على مختلف الأصعدة، وفي زمن أصبح الإعلام فيه يمر بمرحلة مخاض جديدة، متغيرة بشكل دائم، ومسيطرة على حياة الأفراد، بات الاتحاد أكثر إيماناً بحاجتنا إلى خلق ذلك التوازن بين أصالتنا وهُويتنا ولغتنا العربية من جهة، والتغيرات الكبيرة والمؤثرة في حياتنا من جهة أخرى.
واختتم رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات كلمته، متناولاً جهود ومشاركات رؤساء الاتحاد السابقين ممن حملوا راية الكتابة باكراً وتركوا إرثاً قيّماً، مشيراً إلى أن الاتحاد يمضي بخطىً ثابتة نحو الإسهام الثقافي والإنساني في المسيرة الحضارية للوطن، مضيفاً أننا ندرك في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أهمية الأدوار والمسؤولية المناطة بنا لخدمة المشهد الثقافي، الذي يشارك فيه كتّاب من مختلف الأجيال، مؤمنين في الوقت نفسه بأن الكاتب الإماراتي في حاجة مستمرة إلى استحضار الوعي بمسؤولية الكلمة التي تصدر عنه في كتاباته، فالكتابة كانت وما زالت عملاً إنسانياً ساهم في نشوء الحضارات البشرية وتطور علومها، وتشكيل الهوية والوعي، لتمثّل عنصراً رئيساً في تطور الفكر البشري وحضارته، ويحضر معنا، من زرعوا اللبنة الأولى لتأسيس هذا الاتحاد، ولا ننسى من ودّع هذه الحياة من الأعضاء المؤسسين، تاركاً خلفه أثراً لا ينسى من الإبداع والعطاء، وعطاء مستمر، منذ أربعين عاماً، تحققت خلالها إنجازات كثيرة، وأكثر منه، ما نحلم به جميعاً هنا من بذل وإنجاز أكبر.
وكان الحضور، قد تابعوا خلال الحفل عرضاً مرئياً بمناسبة مرور 40 عاماً على إنشاء اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، تناول مسيرة الاتحاد وإنجازاته على مدى الأعوام السابقة ومشاركاته في العديد من الفعاليات والمناسبات، والدعم الذي يجده أعضاؤه في مختلف المجالات الأدبية من الدولة بشكل عام والشارقة على وجه الخصوص، مما جعل المبدع الإماراتي في قلب ثقافة العالم بمختلف محاور حركة الفكر والشعر والأدب.