أصبحت المدينة ملاذاً لمزارعين نزحوا من حقولهم بسبب الجفاف في العراق، حيث تصنّف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، ومع تراجع الأمطار، استفحل الجفاف بقوّة في السنوات الأربع الأخيرة، ما قلص بشكل كبير مساحات الأراضي المزروعة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
كان حيدر محمد يزرع القمح والشعير في أرضه في جنوب العراق، كما كان يفعل والده من قبله، لكنه اليوم يكسب قوته كعامل بناء، بعدما أرغمه الجفاف على هجر أرضه والنزوح إلى المدينة في محافظة أخرى.
ويقول الرجل الأربعيني الذي يقطن منذ العام 2017 في كربلاء التي تضمّ مراقد دينية مهمة وتعدّ مركزاً للسياحة الدينية، إن "الانتقال كان صعباً، فنحن لسنا معتادين على المدينة".
في الحيّ العشوائي الذي بنى فيه محمد منزله، تصطف على طول الشوارع الضيقة المباني كتلة رمادية اللون، على مدخل الحيّ الذي تمدّه البلدية مجاناً بالمياه والكهرباء، ترعى بضعة أبقار من الأرض التي تنتشر فيها القمامة، وتمرّ فوقها أسلاك كهربائية متشابكة.
يروي محمد الذي نزح من قرية آل خنيجر في محافظة الديوانية أن "لا عمل في منطقتنا التي تعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات، الزراعة والحيوانات انتهت، ورأينا أن لا لقمة عيش لنا إلا في كربلاء".
ويضيف "نحن نريد أن نأكل الخبز، كل شخص يريد أن يكدّ لعائلته، عندي أربعة أولاد بالمدارس، يحتاجون إلى مصروف ومال للنقل والثياب".
ومحمد الآن عامل مياوم حينما يجد فرصة في مواقع بناء، ولكي يتمكن من جني 15 دولاراً في اليوم، يعمل كذلك سائق سيارة أجرة.
ويضيف الرجل، صاحب الشاربين المشذبين والذي ارتدى عباءة سوداء أنيقة، "إن لم تعمل، لا تأكل".
في قريته، كان حجم محاصيل السنوات الخيّرة يصل إلى 40 و50 طناً، لكن "شحّ المياه أثّر على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية"، كما يقول.
وتصنّف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين يندّد العراق بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ بمنسوب الأنهار الوافدة إلى أراضيه.
مع تراجع الأمطار، استفحل الجفاف بقوّة في السنوات الأربع الأخيرة، ما دفع السلطات إلى الحدّ بشكل كبير من مساحات الأراضي المزروعة، بما يتناسب مع كميات المياه المتوفرة.