أكد معالي زكي نسيبة أن الإمارات تمكّنت على مدار الخمسين عاماً الماضية من التحول إلى منارة ومركز إشعاع حضاري وثقافي، من خلال مبادراتها العديدة التي مكّنتها من مد الجسور بين الثقافات والجنسيات المتنوعة على مستوى العالم.
الشارقة 24:
أشار معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن معرض "إكسبو 2020 دبي" يؤكد على ريادة الإمارات في مجال الإبداع والابتكار العمراني الحديث وفقاً لأحدث ما توصّلت إليه تقنيات التكنولوجيا المتطوّرة، مع التميّز في جمع ثقافات وحضارات عريقة لحوالي 192 دولة من جميع أرجاء العالم في بقعة باتت محطّ أنظار القاصي والداني.
وذكر أن معرض "إكسبو 2020 دبي" الذي يعتبر من أهم الأحداث الثقافية والحضارية في العالم، يواكب جهود دولة الإمارات في تعزيز الإبداع الثقافي.
واستذكر معاليه البصمات الرائعة للمغفور له مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، والذي حرص على رعاية التراث الإماراتي منذ فجر الاتحاد والعمل على حماية وصون التراث الشعبي، وذلك إيماناً منه بأهميته في الحفاظ على الهوية الوطنية، ونفّذ العديد من المشاريع الثقافية التي تصب في عملية صون وحماية إرث الآباء والأجداد، حيث أمر بصيانة وترميم الحصون والقلاع التاريخية في إمارة أبوظبي كما افتتح متحف مدينة العين.
ومضي قائلاً: "لإيمانه الكبير بأهمية التراث الشعبي في مكوّنات الهوية الوطنية، وضرورة الحفاظ على العادات والتقاليد الموروثة من الآباء والأجداد، خاصّة مع إدراكه البعيد النظر بأن قيام الدولة سيترافق مع نقلة نوعية في تطوير الحياة، وأن عملية التطوّر دون وجود سند تاريخي وإرث عميق ستندثر ومن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له".
وتابع: "لذا سعى الشيخ زايد رحمه الله إلى إنشاء مؤسسات خاصّة مهمتها الحفاظ على التراث وتوريثه للأجيال القادمة مثل "نادي تراث الإمارات" في عام 1993، و"قرى التراث" التي شكلت منذ تأسيسها رافداً مهماً من روافد التراث الإماراتي، وتعريف المواطنين والزائرين على شكل الحياة الشعبية، وفنونها، وحرفها، وكل ما تختزنه من قيم وعادات وتقاليد راسخة حتى اليوم".
وأكد معالي زكي نسيبة أن المتاحف تُشكل منصة ثقافية عالمية تعكس مدى تقدم البشرية عبر السنين والعصور المختلفة، وتُمثل إقامتها ضرورة وطنية من أجل الحفاظ على المقتنيات التراثية والحضارية والثقافية لأي دولة حيث تجسد تاريخها ونهضتها عبر التاريخ مما يجعلها مكاناً لجذب السائحين والزوار وتنمية القطاع السياحي والثقافي.
وأضاف "كما يُعدّ التراث الثقافي أحد المكونات الرئيسية للهوية الثقافية للشعوب، وللمتاحف دور مهم وكبير في توثيق ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتشجيع البحث العلمي في مجال حفظه وتوثيقه، ولتكون في الوقت نفسه مرآة صادقة لها ليس فقط في ماضيها القديم بل في حاضرها المشرف.
وأوضح أن إقامة المتاحف في الإمارات جاءت ترسيخاً لنهج المؤسس الباني، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإحياءً لموروثه التراثي الخالد.
وتحتضن المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي عدداً من المتاحف التي تُبرز في أبنيتها أروع التصاميم المعمارية الحديثة القائمة على التكنولوجيا المُتقدّمة. ومن أهمها "متحف زايد الوطني" الذي يتمً بناؤه تخليداً لذكرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" ويوثق تاريخ الدولة من خلال سرد حياة ومآثر الوالد المؤسس زايد، و"متحف جوجنهايم أبوظبي" الذي يُعدّ منبراً عالمياً للفنون والثقافة المعاصرة.
وأما "متحف اللوفر أبوظبي" أول متحف من نوعه في العالم العربي بمقتنياته التاريخية والحضارية النادرة، وبهندسته المعمارية الفريدة، الذي افتتح في 2017 في منارة السعديات بحضور عدد من الملوك ورؤساء الدول، في إطار التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، فهو يقدم سرداً تاريخياً عن الفن الذي يمتد عبر تاريخ الحضارة بأكملها، ويؤكد على أهمية التجربة البشرية المشتركة.
وأكد معاليه أن صفحات التاريخ سجّلت اهتمام القيادة الرشيدة للدولة، بالتراث والثقافة، من خلال رؤية مستدامة وضعها مؤسس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لتركز على بناء الإنسان قبل العمران، وتسهم في تحول الإمارات خلال فترة وجيزة، إلى مركز ومنارة للفنون والثقافة في المنطقة والعالم، فضلاً عن أنها باتت نموذجاً فريداً للتسامح والتعايش والتنوع الثقافي والفكري بين مختلف الجنسيات.
وذكر أن التبادل الثقافي يشكّل أحد الطرق التي تُمكّننا من بناء الثقة والتفاهم، سواءً كان ذلك من خلال الفنون والأفلام والأدب والموسيقى، والتي تُعبّر تعبيراً قوياً عن إنسانيتنا المُشتركة. كما أن المساهمة بنشر أعمال الفنانين المُبدعين، يمُكّننا من نقل ثقافتنا وقيمنا، وتجاوز حواجز اللغة.
وأكد معالي زكي نسيبة أن الإمارات تمكّنت على مدار الخمسين عاماً الماضية من التحول إلى منارة ومركز إشعاع حضاري وثقافي، من خلال مبادراتها العديدة التي مكّنتها من مد الجسور بين الثقافات والجنسيات المتنوعة على مستوى العالم، معززة بذلك مناخات لقاء وحوار الحضارات وترسيخ التآلف والتسامح والتقارب بين أبناء شتى الثقافات، لتصبح دار زايد بذلك وطن الخير والابتكار والعقول والفرص.
وقال: "إننا نتطلع على مدار الخمسين عاماً المقبلة بأن يتمكّن جيل المبدعين من إبراز الإمارات كمركزٍ للامتياز المعرفي والثقافي، ونموذجاً رائداً لمجتمع يعتزّ بهويته الوطنية وثقافته عالمياً، والذي يُمكن ترجمته واقعياً من خلال مشاركات الإمارات في الفعاليات التي تُعنى بمجالات عدة في مختلف دول العالم، وتعريف شعوب العالم بالتالي على ما تمتلكه من إبداع ومعرفة، وهو عملياً يقرب بين الشعوب، ويساهم في التأثير المتبادل الذي ينعكس بالمحصلة على المعرفة الإنسانية".