وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، رسالة بمناسبة عيد الاتحاد الخمسين، أكد فيها أن الإمارات تمضي نحو المستقبل بثباتٍ أكبر وإيمانٍ أعظم من أي وقت مضى، مستندةً في ذلك إلى إرث خمسة عقود من الإنجازات.
الشارقة 24 – وام:
وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، رسالة بمناسبة عيد الاتحاد الخمسين، فيما يلي نصها:
أيها الإخوة والأخوات: قبل خمسين عاماً كان لدينا حلم.. حلم بناء دولة.. بيت واحد.. شعب متوحّد.. وطن للجميع.. ودولة تنافس أفضل دول العالم.
وما بدا حينها حلماً صعب المنال، ها هو اليوم يتجسّد وطناً أبيّاً حصيناً، آمناً ومنيعاً، وما كان مشروع دولة لم يراهن كثيرون على بقائه ونمائه ها هي اليوم دولةٌ صانعةٌ للتغير، تمضي نحو المستقبل بثباتٍ أكبر وإيمانٍ أعظم من أي وقت مضى، مستندةً في ذلك إلى إرث خمسة عقود من الإنجازات، التي حفرت في صخر التاريخ.
أيها الإخوة والأخوات: في الذكرى الخمسين لقيام اتحادنا، نستذكر البدايات الطموحة، والأحلام التي بدت أكبر منّا والمهام والمسؤوليات الكبيرة التي تخطّت قدراتنا وإمكاناتنا، ومشاريع الإعمار والتنمية الضخمة، التي كانت تنتظرنا والتي فاقت مواردنا، والمهمة الأعظم وهي بناء دولة من رؤية آبائنا.
لكن مهما كانت التحديات والعقبات، لا شيء استطاع أن يثبط همَّتنا أو يكسر إرادتنا أو يهزم أحلامنا، وفي زمن تكسَّرت فيه مشاريع الوحدة على أرض الواقع، فإن مشروعنا الوحدوي أصبح تجسيداً حياً لثقافة اللا مستحيل التي توجِّه خططنا وسياساتنا وفكرنا عملنا.
يتساءل كثيرون: ما سر "وصفة النجاح" الإماراتية؟ ما هي مكونات المعادلة الكيميائية في الإمارات؟ كيف نجحنا فيما فشل فيه الآخرون؟.
وأقول لكم بإيجاز: اتحادنا قام على تغليب المصلحة العامة لا على المصلحة الفرد، حيث لا مكان للأنانية والحسابات الشخصية والمصالح الفئوية، وإذا كان من مقوِّم رئيس للمعادلة الكيميائية السحرية الإماراتية فهي الإنسان الإماراتي، أصل دولتنا الأغلى، وثروته الأبقى، حياة المواطن امتداد لحياة الوطن، استقراره وأمنه وأمانه أساس استقرار الوطن وأمنه وأمانه، وعزته ومنعته جزء من عزة الوطن ومنعته.
أيها الإخوة والأخوات: في سبتمبر الماضي، أعلنا عن وثيقة مبادئ الخمسين، وهي عشرة مبادئ وجه بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، تحدِّد المسار الاستراتيجي والتنموي لدولة الإمارات للخمسين سنةً المقبلة، هذه المبادئ التوجيهية العشرة تشكل مرجعية أساسية لجميع مؤسسات الدولة للارتقاء بمنظومتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتركيز على الأولويات التنموية في المرحلة المقبلة، في مقدمتها بناء اقتصاد مستدام وحشد الجهود وتسخير كافة الموارد لتعزيز دعائم الاتحاد وتحقيق الازدهار والاستقرار والسلم المجتمعي.
لو عدنا خمسين سنة إلى الوراء وتحديداً في يوم الخميس الموافق 2 ديسمبر من العام 1971، لوجدنا صدى وثيقة مبادئ الخمسين في أول وثيقة تاريخية، حددت رؤية الاتحاد من خلال البيان التاريخي، الذي أصدره الآباء المؤسسون.
وثيقة إعلان الاتحاد هي وثيقة التأسيس.. ووثيقة مبادئ الخمسين هي وثيقة التمتين، وثيقة إعلان الاتحاد شقت الطريق الأولى في رحلة بناء دولة الإمارات العربية المتحدة، ووثيقة مبادئ الخمسين تشق طريق المستقبل في رحلة تمكين دولة الإمارات العربية المتحدة.
أيها الإخوة والأخوات: في 2 ديسمبر 2021، تدخل دولة الإمارات العربية المتحدة منعطفاً جديداً في مسيرة بنائها ونهضتها؛ مسيرة الخمسين عاماً المقبلة، وهي مسيرة ستكون أكثر تحدياً وأكثر طموحاً، وتتطلب فكراً خلّاقاً ونهجاً مختلفاً وعملاً مضاعفاً وجهوداً استثنائية وزخماً في المشاريع والمبادرات، لا يكفي أن نعمل، علينا أن نبتكر ونبدع، لا يكفي أن نبني، علينا أن نطور، لا يكفي أن نكون الأول، علينا أن نكون المثال والنموذج، لا يكفي أن نكون بمستوى التوقعات، علينا أن نفوق كل التوقعات.
أيها الإخوة والأخوات: كلُّ من على هذه الأرض الطيبة مدعوّون لمشاركتنا رحلةَ الخمسين سنة المقبلة؛ نساء ورجالاً، شاباتٍ وشبّاناً، مواطنين ومقيمين ممَّن أصبحت الإمارات وطناً ثانياً لهم، الجميع أمامهم فضاء واسع للعطاء والإبداع، والمساهمة، كلٌّ من موقعه، في أضخم مشروع تنموي اسمه إمارات الخمسين سنة القادمة؛ حيث لا حدَّ للخيال، ولا سقفَ للطموحات.
رحلة الخمسين انطلقت بتسارع.. والجميع سيكونون معنا.. يشاركوننا في صنع المستقبل الذي يريدونه. كل الأفكار والأحلام والمشاريع مهما كبرت، ومهما عظمت، ممكنة التحقق. وعلى قدر أحلامنا تأتي إنجازاتنا.
كل عام والإمارات، قيادةً وشعباً، بألف خير.. كل عام وإنجازنا أكبر وعطاؤنا أكثر.. والقادم أفضل وأجمل بإذن الله.
أخوكم محمد بن راشد آل مكتوم.