دمرت الحرائق، جزءاً من الغابات الخصبة في شمال تونس هذا الصيف، بما شمل الكثير من أشجار البلوط الفليني، التي يحصدها السكان هناك كل خريف، في ضربة موجعة لصناعة الفلين ضمن المناطق الفقيرة بالبلاد.
الشارقة 24 – رويترز:
بالنسبة لجامع الفلين خالد الورهاني، كانت الحرائق التي دمرت جزءاً من الغابات الخصبة في شمال تونس هذا الصيف، تحذيراً من تأثير المناخ المتغير على مصدر رزقه.
وعلى الرغم من أن الحرائق كانت أسوأ بكثير في الجزائر، فإن النيران التي اجتاحت تلال الغابات حول منطقة عين دراهم، التهمت نحو ألف هكتار "2470 فداناً" من الغابات، بما شمل الكثير من أشجار البلوط الفليني، التي يحصدها السكان هناك كل خريف.
وقال الورهاني، الذي حمل حماره بلحاء الفلين لوزنه "إذا انحرقت الجبال.. معناش ليس لدينا معيشة أخرى".
وعين دراهم، الواقعة في ولاية جندوبة بشمال غرب البلاد، هي منطقة من التلال الباردة التي تنمو فيها أشجار البلوط والصنوبر والزان، وهي مقصد صيفي مفضل للتونسيين الذين يعانون من القيظ، وكذلك مركز صناعة الفلين في البلاد.
وقال محمود القاسمي، رئيس دائرة الغابات في المنطقة، إنه حتى قبل اندلاع حريق هذا العام، فقد انخفضت كمية الفلين في المنطقة بنحو الثلث خلال السنوات العشر الماضية، بفعل الجفاف جراء تغير المناخ.
لكن هذا العام وفي أعقاب موجة الحر الشديدة، التي وصلت إلى 50 درجة مئوية في العاصمة تونس، كانت الحرائق أسوأ من أي وقت مضى.
وقال القاسمي عن الحرائق "كانت بقوة رهيبة وتسرب رهيب وسريع، وفي لحظة من زمن تلقاها عمت على مئات الهكتارات".
وعلى طريق التل المتعرج صعوداً نحو عين دراهم، اختفت المساحات الممتدة من اللون الأخضر، وحل محلها شبح غابة أشجارها متفحمة الجذوع، وعارية من الأوراق، ملقية بظلال قاتمة على الأجواء.
ويعتمد الفقراء في ريف المنطقة على الدخل السنوي المحدود الذي يحصلون عليه من حصاد الفلين في الخريف، ويمتد موسم الحصاد من يونيو إلى نوفمبر، ويبلغ المتوسط الذي يحصل عليه العامل نحو 18 ديناراً 6.50 دولار في اليوم.
وفي أعماق غابة، حيث تتشابك الطحالب مع جذوع أشجار البلوط الفليني، كان محمد ربحي يستخدم فأساً لقطع اللحاء ورفع القطع الطويلة لبيعها.
ويتم قطع اللحاء فقط من الجزء السفلي من الشجرة، تاركاً جذعاً أحمر عارياً، تحته بينما ينمو اللحاء الأكبر، في الجزء العلوي.
ويخضع حصاد الفلين التونسي لرقابة صارمة من الحكومة، التي تعالج وتصدر نحو 90 في المئة من الإنتاج، وتوزن حمولة العامل في الغابة، وتُجمع لنقلها إلى مرافق المعالجة.