يقوض نقص الأجهزة والمعدات والعناصر المختصة، جهود إخماد حرائق الغابات في سيبيريا، خاصة مع موسم الصيف الذي يشهد اندلاع نيران ضخمة تلتهم مساحات واسعة من غابات جمهورية ياقوتيا، يعجز رجال الإطفاء إخمادها، بسبب تواضع الميزانية الروسية المخصصة للحرائق.
الشارقة 24 – أ ف ب:
تعمل أجهزة الإطفاء بلا هوادة، على إخماد النيران الضخمة، التي تأتي على مساحات واسعة من غابات جمهورية ياقوتيا السيبيرية، لكنها تفتقر إلى العدد الكافي من العناصر، لمواجهة أحد أسوأ مواسم الحرائق في المنطقة.
على رأس لواء في الخدمة الجوية لحماية الغابات، أمضى إيغور زاخاروف وعناصره الليل، وهم يمشطون خندقاً حفروه بطول خمسة كيلومترات قرب قرية بياس-كيوول، لوقف تمدد حريق كان يقترب بشكل خطير من المنطقة.
وقد أضرم الرجال المجهزون أقنعة واقية من الدخان، النار في إطارات مطاطية كانوا قد علقوها على عصي ثم ثبتوها على أرض الغابة القاحلة على الجانب الآخر من الخندق، لإشعال حريق يتم التحكم به.
وتوقف الفريق عن عدّ الحرائق، التي اضطروا إلى مكافحتها منذ نهاية مايو الماضي، بعضها بنجاح فيما أخفقوا في البعض الآخر، في ياقوتيا وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة تقع في أقصى شمال شرق سيبيريا، وتواجه موسم حرائق شديد للغاية.
ويوضح زاخاروف، حمينا منطقة لثمانية أيام، لكنها احترقت في نهاية المطاف لأن الجرارات لم تنجح في بلوغنا أبداً، مشيراً إلى أنه في مثل هذا الوضع، لم يعد أمامهم سوى حفر الخنادق بالمجارف.
وأكثر من الحاجة إلى المعدات، هناك نقص في العديد، بحسب زاخاروف، فبعدما تفاقمت بسبب موجة الحر، أتت حرائق الغابات حتى الآن على أكثر من 1.5 مليون هكتار من الغابات في ياقوتيا، ومن المتوقع أن يستمر موسمها في سيبيريا لأكثر من شهر إضافي.
في السنوات الأخيرة، واجهت مناطق شاسعة في روسيا موجات حر وجفاف ناجمة عن تغير المناخ، مع تحطيم مستويات حرارة قياسية في موسكو وأماكن أخرى.
وفي ياقوتيا، أبرد منطقة في روسيا على الحدود مع المحيط المتجمد الشمالي، وصلت حرائق الغابات إلى مستوى كاد يطيح بقدرات الخدمة الجوية للحماية للتصدي لهذه المشكلة.
ومع 250 موظفاً بدوام كامل و150 آخرين موسميين، يتولون مراقبة الحرائق من الجو أو يتوجهون إلى مواقع حصولها بالمظلة أو الشاحنة، تُكلف هذه الخدمة للتصدي للحرائق في منطقة شاسعة للغاية تقرب بمساحتها من حجم بلد عملاق كالهند.
والهدف بحسب كبير الطيارين سفياتوسلاف كوليسوف، هو إخماد الحرائق بالكامل، لكن في ظل النقص في اليد العاملة خصوصاً بعد الاقتطاعات في الميزانية منذ نهاية الاتحاد السوفياتي عندما بلغ عديد المنتمين إلى الخدمة حوالي 1600 عنصر، غالباً ما يكون تحقيق المهمة مستحيلاً.
وفي كثير من الأحيان، بسبب هذا النقص في العديد، يتدخل رجال الإطفاء فقط عندما تبلغ الحرائق حجماً معيناً، مما يترك حرائق أصغر تشتعل.
ويوضح كوليسوف، إذا انتشر الحريق بسرعة ووصل إلى منطقة واسعة، فنحن نحاول إنقاذ المناطق المأهولة والبنية التحتية الاستراتيجية.
ويلقي دعاة حماية البيئة باللائمة في هذا الوضع، على سياسة مكافحة حرائق الغابات في روسيا، خصوصاً على مرسوم حكومي صدر عام 2015 يسمح للسلطات المحلية بتجاهل الحرائق، إذا ما كانت تكلفة إخمادها تفوق القيمة التقديرية للأضرار الناجمة عنها.
ويؤكد غريغوري كوكسين من منظمة "غرينبيس" البيئية، قلنا منذ سنوات إن على روسيا أن تضاعف ميزانيتها ثلاث مرات على الأقل لمكافحة حرائق الغابات.
في بداية يوليو الماضي، حشدت موسكو عناصر فرق الإنقاذ والجيش لمساعدة ياقوتيا على مواجهة الحرائق، كما انضم عشرات المتطوعين إلى هذه الجهود، ومع ذلك، يتجلى بوضوح نقص الأموال المرصودة للخدمة الجوية لحماية الغابات، وهي الهيئة الوحيدة المسؤولة بالكامل عن مكافحة مثل هذه الحرائق.
ويوضح إيغور زاخاروف، أعرت معظم أجهزتي إلى فريق لمكافحة حريق قريب، مضيفاً أنه لم يتمكن من الحصول حتى على مركبة رباعية الدفع، إلا بعد طلبات عدة وانتقادات من السلطات بشأن بطء فريقه.
ويتابع بغضب، رجالنا عملوا في الغابة لمدة شهر بلا توقف، التعب أمر طبيعي لدى الجميع، بأي حق ينتقدوننا؟، واعداً بمواصلة العمل رغم كل شيء.
بعد بياس-كيوول، سيتصدى رجاله للحريق المقبل بلا هوادة، وهو يؤكد من دوننا، كل شيء سيحترق.