وجد مزارع سوري في نبتة "الأزولا"، التي خاض تجربة مريرة وشاقة لاستيرادها، الحل الأنسب لتوفير الأعلاف الرخيصة والصحية لمواشيه وطيوره، مع الارتفاع الهائل في الأسعار، وحرصاً منه على الحفاظ على مهنته، بريف إدلب الشمالي.
الشارقة 24 – أ ف ب:
في ظل الارتفاع الهائل في الأسعار، وحرصاً منه على الحفاظ على مهنته، وجد المزارع السوري أيمن الإبراهيم في نبتة "الأزولا" الحل الأنسب لتوفير الأعلاف الرخيصة والصحية لمواشيه وطيوره.
ويزرع الإبراهيم 25 عاماً طحالب الأزولا في أحواض مائية، بناها بنفسه في مزرعته الصغيرة في بلدة كفر تخاريم في ريف إدلب الشمالي، التي نزح إليها بعد فراره من مدينة حلب، إثر سيطرة قوات النظام عليها بالكامل في 2016.
كان الإبراهيم يعمل خياطاً في حلب، وهي مهنة لم يتمكن من الحفاظ عليها في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة في شمال غرب سوريا، فقرر أن ينتقل إلى تربية الماشية والدواجن، إلا أن ارتفاع أسعار الأعلاف وقف عائقاً أمام إمكانيه تطوير عمله، خصوصاً مع تدهور سعر صرف الليرة السورية في مقابل الدولار الأميركي.
ويقول الوالد لطفلين "بدأت بالبحث عن مورد يوفر غذاء للمواشي بتكلفة قليلة، وبعد بحث على الإنترنت توصلت إلى نوع من أنواع النباتات السرخسية.. واستطعنا استيرادها من مصر عبر تركيا إلى سوريا".
وتُعد الأزولا نوعاً من الطحالب المائية المنتجة جداً إذ يمكن أن يتضاعف وزنها خلال سبعة أيام فقط، وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، وهي نباتات غنية بالبروتين تُستخدم لتغذية الخنازير والبط في جنوب شرق آسيا والدواجن والأسماك في فيتنام.
لكن تجربة استيراد طحالب الأزولا كانت "شاقة" خصوصاً أنها لا تعيش طويلاً خارج المياه، وتحديداً خلال فصل الصيف، وكان يجدر ألا تتخطى عملية نقلها فترة أربعة أيام.
وفشلت أربع محاولات استيراد كميات كبيرة من الأزولا، إن كان عن طريق مناطق سيطرة قوات النظام أو تركيا، إذ كانت "تجف على الطريق وتموت قبل وصولها".
ولم يستسلم الإبراهيم إلى أن نجح أخيراً في يونيو في استيراد عشرة كيلوغرامات فقط من طحالب الأزولا عبر تركيا، وقام مباشرة بوضعها في الأحواض المائية التي بناها خصيصاً لها.
أعلاف متجددة
كرس الإبراهيم كامل وقته للعناية بنبتته الجديدة، إلى أن وفرت له "ما يقارب 70 في المئة من إجمالي كمية الأعلاف" التي يحتاجها، أما الـ 30 % المتبقية فكان يعوض عنها بالشعير والنخالة والذرة.
ويقول "الحيوانات باتت تطلبها، إذ أنك تقدم لها نباتاً طازجاً بدلاً من الأعلاف الجافة".
وانخفضت بالنتيجة تكاليف تغذية المواشي والطيور وفق قوله من نحو 300 دولار شهرياً إلى مئة دولار كحد أقصى.
وتشهد سوريا منذ بدء النزاع فيها في 2011 أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، التي تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة، وتآكل القدرة الشرائية للسوريين، الذين بات يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بنسبة 249 في المئة في وقت يعاني نحو 9 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي.
وتسببت النزاع والأزمة الاقتصادية، بحسب الفاو، بنفوق 30 إلى 40 في المئة من المواشي، خصوصاً مع عدم قدرة المربين على تأمين الغذاء اللازم.
ويشير أحمد الكوان، المسؤول المحلي في إدلب، إلى تراجع قطاع تربية المواشي في المنطقة، ما أدى إلى "ارتفاع أسعار اللحوم والألبان والأجبان في مقابل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، ما ينعكس سلباً على الأمن الغذائي".
وبعد نجاح التجربة، قرر الإبراهيم توسيع عمله وبدأ ببيع تلك الأعلاف الجديدة لمربي المواشي والدواجن من حوله.
ويقول "نريد نشرها هنا حتى أننا فتحنا باب البيع منذ شهر ونصف الشهر، وتفاجأنا بالإقبال الكبير عليها".
ويوضح "وصلت إلى إدلب في وقت كان مربو المواشي بحاجة إليها بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، التي تخطت تكاليفها مؤخراً مردود الحليب الذي تنتجه الأبقار".
وقرر عمر عشا 48، الذي يمتلك 17 رأس غنم، خوض التجربة.
ويقول النازح من حلب إلى إدلب أيضاً "اشتريت كمية صغيرة وقد وفرت علي 60 في المئة من ثمن الأعلاف".
ويضيف "أفضل ما في الأمر هو أني دفعت ثمنها مرة واحدة فقط عند شرائها، ثم قمت بزراعتها في أحواض فتحولت إلى علف مجاني متجدد".