اختتم المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي "إيكروم– الشارقة"، الجلسات الأولى للنسخة الثانية من الملتقى العربي للتراث الثقافي افتراضياً، وأعلن عن الفائزين بجائزته للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية في دورتها الثانية، وجائزة التراث الثقافي العربية لليافعين.
الشارقة 24:
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، اختتم المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي "إيكروم– الشارقة"، الجلسات الأولى للنسخة الثانية من الملتقى العربي للتراث الثقافي، تحت عنوان "الأصالة والمجتمع وحفظ التراث في الفكر العربي"، الذي أقيم هذ العام بشكل افتراضي، استجابة للإجراءات الاحترازية التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد في المنطقة والعالم، وذلك خلال الفترة من 9-10 نوفمبر الجاري.
شارك في جلسات الملتقى، عدد كبير من الخبراء، والأكاديميين، والباحثين، والطلاب، والمفكرين، والمؤرخين، والمهندسين المعماريين، وعلماء الآثار، والمختصين في مجال الحفظ من المنطقة العربية والعالم.
وتضمنت جلسات الملتقى، العديد من أوراق البحث والعروض التقديمية ودراسات الحالة من مناطق مختلفة من العالم، التي شهدت تفاعلاً كبيراً من المشاركين، من حيث مناقشة الموضوعات المطروحة أو المساهمة في وضع الرؤى والخطوات المستقبلية لتعزيز مفهوم الأصالة، والدعوة إلى الترويج لأهمية ومعاني التراث الثقافي باستخدام كافة الطرق الممكنة، وضرورة إدماج التراث في التنمية الحضرية المستدامة، وكذلك تبني مفهوم الدبلوماسية الثقافية كوسيلة لبناء السلام وتعزيز التواصل والحوار بين الشعوب والثقافات، والعديد من الموضوعات الأخرى التي تم إدراجها ضمن برنامج الملتقى.
وأكد الدكتور ويبر ندورو مدير مركز إيكروم في روما بإيطاليا، أهمية هذا الملتقى من حيث الموضوعات التي يطرحها ودراسات الحالة التي يقدمها كنماذج يحتذى بها في المنطقة، وشدد على أهمية جائزة إيكروم-الشارقة، موضحاً أن المشاريع الستة التي تم اختيارها ضمن القائمة القصيرة، والتي رأيناها اليوم هي دليل على القدرات الموجودة في المنطقة العربية، وهي تمثل ممارسات نموذجية في المنطقة.
وأضاف الدكتور ندورو، تحتفي هذه الجائزة بالتنوع الثقافي ذي الجودة العالية، وتابع أنه من خلال هذه التجارب النموذجية، تشجع إيكروم وتسهل عملية تبادل المعرفة وخبرات التعلم في المنطقة.
من جهتها، أعربت سعادة منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف ورئيسة لجنة تحكيم جائزة الشارقة للتراث الثقافي، عن خالص شكرها وتقديرها لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على جهوده المستمرة في حماية التراث الثقافي والحفاظ عليه، مؤكدة أن الجائزة تنضوي تحت العديد من المبادرات التي وجه بها صاحب السمو حاكم الشارقة في الحفاظ على التراث الثقافي، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، والتي ينظمها إيكروم-الشارقة، وتسعى لتكريم وتقدير الجهود القيمة لأولئك الذين يحافظون على التراث والثقافة في العالم العربي.
وأضافت لقد عمل العديد من الأفراد والمؤسسات لسنوات عديدة، لحماية التراث العربي والحفاظ عليه، ولكن بفضل هذه الجائزة، أصبحت جهودهم معروفة ومحل تقدير على المستويين الإقليمي والعالمي.
من جانبه، سلط رئيس أمناء مجلس إيكروم، الدكتور أوليفر مارتن، الضوء على أهمية التواصل كاستراتيجية مهمة ضمن أعمال الصون، وأضاف أن الصور التي رأيناها اليوم تظهر لنا الإنجاز المذهل في عالم الصون في المنطقة.
وتابع الدكتور مارتن، من خلال هذه الجائزة، نحن لا نسعى لتسليط الضوء على التميز في العمل أو الأشخاص أوقادة المشاريع المسؤولين عن تنفيذها فحسب، بل نريد أيضاً مشاركة القيم التي تقدمها هذه المشاريع، والتعريف بأفضل الممارسات في المنطقة والعالم.
وتحدث الدكتور زكي أصلان مدير مكتب إيكروم-الشارقة، موضحاً أن رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة لجائزة إيكروم-الشارقة للممارسات الأفضل في حفظ التراث الثقافي في العالم العربي وجائزة اليافعين، من شأنهما ترسيخ أهمية الحفاظ حسب المعايير الدولية ورفع سوية الوعي به للأجيال القادمة.
وتابع يقع هذان الموضوعان في صميم مهمة منظمة إيكروم الدولية في خدمة الدول الاعضاء ومن مكتبها في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، الذي يغطي المنطقة العربية، وأضاف كان من الواضح من خلال المشاريع الفائزة، وتلك التي تم اختيارها ضمن القائمة القصيرة، أن كل هذه المشاريع الهامة سواء في إنقاذ التراث المهدد بالخطر كالمدن التي طحنتها الحروب أو المخطوطات والمجموعات أو تلك المشاريع التي تصب في خدمة الأهالي والسكان، هي ذات أثر كبير في حفظ هوية وتاريخ المنطقة.
وتوجه الدكتور زكي أصلان، بالشكر لكل من شارك ودعم هذه المشاريع الهادفة، والتي حققت نوعية بكل المقاييس العلمية والمنهجيات التي تروج لها منظمة إيكروم المتخصصة في هذا المجال، وأضاف سوف نقوم بنشر هذه المشاريع قريباً، لتعميم الفائدة خلال بداية العام المقبل.
الإعلان عن المشاريع الفائزة بجائزة إيكروم–الشارقة
في اليوم الثاني والأخير من الملتقى العربي للتراث الثقافي، تم الإعلان عن الفائزين بجائزة إيكروم– الشارقة للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية في دورتها الثانية 2019-2020، وكذلك جائزة التراث الثقافي العربية لليافعين.
ووفقاً لتقرير لجنة التحكيم المستقلة للجائزة، فقد فاز بالجائزة الكبرى عن فئة "المباني والمواقع الأثرية"، مشروع "إعادة تأهيل سوق السّقطيّة" في مدينة حلب السورية، الذي قام بتمويله وتنفيذه شبكة الأغا خان للتنمية، وبحسب نفس تقرير لجنة التحكيم تم اختيار هذا المشروع، لاعتماده مقاربة تشاركية أفضت إلى إنجاز نموذجي أعاد الأمل لمركز تاريخي طحنته حرب مدّمرة.
كما فاز بالجائزة الكبرى عن فئة "المقتنيات والمجموعات ضمن المؤسسات الثقافية" مشروع "الرقمنة والإسعافات الأوّلية للتّراث الوثائقي لمجموعة المخطوطات في مكتبة المسجد العمري" في غزّة بفلسطين، الذي قامت بتقديمه الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة، حيث ثمّنت لجنة التحكيم في تقريرها هذا المشروع الهام الذي يعمل على الحفاظ بطرق علمية حديثة على الهويّة الفلسطينية وتراثها اللاّمادي، عبر إنقاذ وصيانة مكتبة المسجد العمري الكبير، كما ثمّنت اللّجنة العمل الدّؤوب والجدّي الذي حظي به المشروع في ظلّ الظروف الإنسانية الصعبة في قطاع غزّة.
من ناحية أخرى، حصل على جائزة الشرف ضمن فئة المباني والمواقع الأثرية "مشروع عونة للمواقع التراثية: تأهيل وإعادة إحياء البلدة القديمة في حجّة" في مدينة قلقيلية الفلسطينية، لتميّزه في العمل المجتمعي، كما حصل على جائزة التميّز للمبادرات الشخصية للمواقع التراثية مشروع "بيت يكن/ تراث، تنمية، مجتمع، استدامة" في القاهرة التاريخية بجمهورية مصر العربية، وحصل على جائزة التميّز للمواقع الأثرية مشروع "إعادة تأهيل النظام النبطي للحماية من الفيضانات في البتراء بالأردن، بينما حصل مشروع الحفاظ على الأرشيف الورقي لمعبد إبيدوس بجمهورية مصر العربية، على جائزة الشرف لفئة المقتنيات والمجموعات ضمن المؤسسات الثقافية.
أما جائزة التراث الثقافي العربية لليافعين، فقد فاز بها كل من: ريم سيف سعيد محمد الشحي من الإمارات العربية المتحدة عن فئة الرسم، وإبراهيم إبراهيم من لبنان عن فئة التصوير، ورقصة الدحية لمدرسة قصر الحلابات في الأردن عن فئة الرقص الفلكلوري، وأخيراً دانيا العمرات من الأردن عن فئة الفيلم التوعوي، بينما حصلت مشاريع أخرى من الإمارات العربية المتحدة ولبنان وليبيا على شهادات تقدير.
وجائزة التراث الثقافي العربية لليافعين، هي مسابقة جديدة تهدف إلى رفع مستوى اهتِمام الأجيال الشابة بالتراث المادّي واللامادّي في المنطقة العربية، ونشر ثقافة المحافظة عَلى التراث من خلال الفن.
وفي نهاية الملتقى، تم تقديم الجوائز والشهادات التقديرية للفائزين عبر الإنترنت، وأعرب كل من د. علي إسماعيل مدير مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية في سورية، والدكتور منير الباز من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في كلمة لهما، ضمن الاحتفالية، عن سعادتهما بالفوز بالجائزة، مؤكدين أهمية هذه الجائزة في تسليط الضوء على المبادرات الفردية والمؤسساتية التي تسعى للحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة العربية وتكريمها، وتحفيز الجهات المعنية لدعم وتعزيز مبادرات أخرى مشابهة في المنطقة العربية في المستقبل.
وأكد الدكتور علي إسماعيل في الختام، أن هذه الجائزة أعادت إلينا الأمل، وجعلتنا نشعر أن هنالك ضوء في نهاية هذا النفق الطويل.