جار التحميل...

°C,

التحصين في ضوء السنة النبويةِ

March 04, 2021 / 2:32 PM
يعتبر التحصين الوقائي في العصر الحاضر من أهم وسائل وقاية البشر من الإصابة بالكثير من الأمراض الفتاكة، وسبباً في القضاء على عدد من الأوبئة الخطيرة.
وقد حقق التحصين الواقي تفوقًا كبيراً على سائر وسائل مكافحة الأمراض السارية، لأنه وسيلة أساسية لإعداد الجسم على نحو يحول دون تمكن العوامل الممرضة من غزوه أو السيطرة عليه، وقد قلل التحصين الوقائي انتشار الأمراض الخطيرة في أنحاء العالم، وأكثر من يستفيد منه هم الأطفال الرضع، وإن كان خيره يشمل غيرهم.

التحصين في اصطلاح الأطباء

هو إدخال الفيروس، أو الميكروب، مضعفًا، أو ميتًا، إلى جسم الإنسان، حتى تتعرف عليه أجهزته المناعية، فتقوم بصنع الأجسام المضادة، والهدف منه هو تحفيز الجهاز المناعي في جسم الإنسان أو الطفل، على التفاعل مع الجهاز المناعي في إنتاج المواد المناعية اللازمة للتعرف على هذا العامل الممرض في المستقبل، بحيث لا يصاب الطفل بهذا المرض في المستقبل، أو يقلل من درجة خطورة المرض عند تعرضه لنوع المرض الذي أخذ لقاحاً ضده، لأن هذه المواد المناعية تتعرف في مرحلة ما بعد اللقاح على العامل الممرض بشكل سريع وتحارب المرض، وتسمى هذه المواد المناعية "الأجسام المضادة". 

وقد يتحقق فائدة التحصين للإنسان عن طريق جهاز المناعة، والمناعة هي القوة التي يكتسبها الإنسان ليقاوم العدوى ويتغلب عليها، وهي دفاع الجسم البشري ضد غزو الجراثيم التي تسبب المرض.

ويكتسب الإنسان نوعاً من المناعة الطبيعية بالتعرض المتكرر للجراثيم، والأطفال عند الولادة ولوقت قصير بعدها يكتسبون بعض المناعة من أمهاتهم بواسطة دم المشيمة فتوفر هذه المناعة المورثة حماية مؤقتة للمولود.

والجسم نفسه يشكل مناعة فاعلة خلال صراعه مع الجرثومة المهاجمة، وتتكون من رد الفعل أجسام مضادة تدوم عادة مدة من الوقت أطول من حالة المناعة المنفعلة. 

وقد تعلم الإنسان أن يقلد غزو الجرثومة بحقن الجسم بلقاح من هذه الجرثومة، بعد أن يبطل مفعولها أو يخففه أو بمنتوجات جرثومية خاضعة لحالات مضبوطة ومصنوعة بشكل لقاح، وهنا يتجاوب جسم الإنسان مع هذا اللقاح وينتج أجسام مضادة تكسبه مناعة فعالة تقنيه شر الإنسان مع الغزوات اللاحقة من قبل الجراثيم المشابهة لها أو القريبة منها. 

التحصين في ضوء السنة النبوية

فإن التحصين ضد أي مرض يخشى انتشاره لا حرج فيه، إذ لا فرق بين التحصين خشية ‏مرض متوقع، وبين العلاج من مرض نازل، لأن التحصين هو من باب الأخذ بالأسباب، ففعل الأسباب لا ينافي التوكل، إذا اعتقد الإنسان أن هذه الأسباب مجرد أسباب فقط لا تأثير لها إلا بإذن الله –تعالى.

ومما يدل أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، أن النبي سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع وأخذ بالأسباب، كما أنه لبس المغفرة على رأسه عام الفتح، فدخل مكة وعلى رأسه المغفرة، فهو عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد أخذ بالأسباب، ولذلك فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل.

وإنما الذي ينافي التوكل أن يعتمد الإنسان على الأسباب ويغفل عن مسبب الأسباب، فهذا هو الذي يؤثر، أما إذا أخذ بالأسباب واعتمد على الله، وعلم أن كل شيء بقضاء الله، فإن ذلك لا ينافي التوكل. 

ولذا فالأخذ بالتحصين يجوز ولا ينافي التوكل إذا اعتمد الإنسان على الله، وعلم أن كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، وأن التحصين لا يؤثر بنفسه إلا بقضاء الله وقدرته.

ومما يدل أيضاً على جواز التحصين، حديث سعد بن أبي وقاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر».  

وفي هذا الحديث دليل على أن التحصين ضد أمراض مستقبلة أو أمراض يخشى منها في المستقبل سائغ وأنه لا بأس به، وفيه أيضاً نص في جواز التوقي من كل المكروه قبل نزوله.
March 04, 2021 / 2:32 PM

مواضيع ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.